دِيَارِهِمْ وَأُوذُوا فِي سَبِيلِي وَقَاتَلُوا وَقُتِلُوا لأُكَفِّرَنَّ عَنْهُمْ سَيِّئَاتِهِمْ وَلأُدْخِلَنَّهُمْ جَنَّاتٍ تَجْرِي مِنْ تَحْتِهَا الأَنْهَارُ ثَوَابًا مِنْ عِنْدِ اللَّهِ وَاللَّهُ عِنْدَهُ حُسْنُ الثَّوَابِ﴾ ١، وأي جهل أعظم من جهل من يسوي بين حسنات المقربين الأبرار، وسيئات العصاة الأشرار؟ ﴿أَفَمَنْ كَانَ مُؤْمِنًا كَمَنْ كَانَ فَاسِقًا لا يَسْتَوُونَ﴾ ٢.
هجرة الصحابة إلى الحبشة وإكرام النجاشي لهم
وهذا سياق قصة مهاجرة الحبشة. قال أبو نعيم في منتقاه من سيرة ابن هشام: قال ابن إسحاق: حدثنا محمد بن مسلم الزهري عن أبي بكر بن عبد الرحمن بن الحارث بن هشام عن أم سلمة زوج النبي ﷺ قالت: " لما نزلنا أرض الحبشة جاورنا بها خير جار- النجاشي، أمِنا على ديننا وعبدنا الله لا نؤذى ولا نسمع شيئا نكرهه. فلما بلغ ذلك قريشا ائتمروا بينهم أن يبعثوا إلى النجاشي فينا رجلين جَلْدين، وأن يهدوا للنجاشي هدايا مما يستطرف من متاع مكة.
وكان من أعجب ما يأتيه منها الأدم، فجمعوا له أدما كثيرا، ولم يتركوا من بطارقته بطريقا إلا أهدوا له هدية، ثم بعثوا بذلك عبد الله بن أبي ربيعة وعمرو بن العاص وأمروهما بأمرهم، وقالوا لهما: ادفعا إلى كل بطريق هديته قبل أن تكلما النجاشي فيهم، ثم قدّما إلى النجاشي هداياه، ثم اسألاه أن يسلمهم إليكما قبل أن يكلمهم. قالت: فخرجا حتى قدِما على النجاشي، ونحن عنده بخير دار عند خير جار ... ى أن قالت: وكان الذي كلمه جعفر بن أبي طالب.
وقال له: أيها الملك كنا قوما أهل جاهلية نعبد الأصنام ونأكل الميتة، ونأتي الفواحش، ونقطع الأرحام، ونسيء الجوار، ويأكل القوي الضعيف، وكنا على ذلك حتى بعث الله إلينا رسولا منا نعرف نسبه وصدقه وأمانته وعفافه، فدعانا إلى الله لنوحده ونعبده، ونخلع ما كنا نعبد نحن وآباؤنا من دونه من الحجارة والأوثان. وأمرنا بصدق الحديث وأداء الأمانة، وصلة الرحم، وحسن الجوار، والكفّ عن المحارم والدماء، ونهانا عن الفواحش وقول الزور، وأكل مال اليتيم، وقذف المحصنات. وأمرنا أن نعبد الله لا نشرك
_________
١ سورة آل عمران آية: ١٩٥.
٢ سورة السجدة آية: ١٨.
1 / 312