14
كان أول من دعا إلى توسيع نطاق البحث اللغوي المنطقي في هذين الاتجاهين الجديدين، إذ يقول: إن «الرمز» يكون دائما ذا علاقات ثلاث: (1)
فهو متعلق أولا بالشخص الذي يستخدمه ليرمز به إلى شيء ما. (2)
وهو متعلق ثانيا بالشيء الذي يرمز إليه. (3)
وهو متعلق ثالثا بالرموز الأخرى التي قد تشترك معه في بناء صيغة أو عبارة. وهذه العلاقات الثلاث يطابقها ميادين ثلاثة في البحث، هي على التوالي: (1) البراجماطيقا. (2) السمانطيقا. (3) السنتاطيقا.
وما اللغة إلا مثل من أمثلة الرموز، فالبحث فيها - إذن - لا بد أن يتناول هذه الميادين الثلاثة إذا أريد له أن يكون وافيا شاملا.
ومن هنا اتجه «كارناب» وجهته الجديدة في بحثه اللغوي المنطقي، فبعد أن كان قاصرا على بحث العلاقة القائمة بين الرمز اللغوي وغيره من الرموز التي تشترك معه في عبارة ما (وهذا هو السنتاطيقا)، أخذ يوسع من نطاق بحثه إلى حيث يتناول الفرعين الآخرين، وهما «السمانطيقا» و«البراجماطيقا»، فهو يقول في كتابه «المدخل إلى السمانطيقا»: «إنني الآن أرى كثيرا من الأبحاث والتحليلات السابقة غير كاملة - ولو أنها صحيحة - ولا بد من إتمامها بتحليل سمانطيقي يقابلها، إذ إن مجال الفلسفة النظرية لم يعد مقصورا على السنتاطيقا، بل إنه كذلك يشمل كل تحليل آخر للغة، بما في ذلك السنتاطيقا والسمانطيقا، بل ربما شمل البراجماطيقا أيضا.»
15
ويقول الأستاذ «كورنفورث» عن هذا التطور في البحث عند «كارناب» ما يلي: «لقد نجح كارناب بادئ ذي بدء في تناوله لفلسفة اللغة [من حيث تكوين عباراتها] متجاهلا تجاهلا تاما أن للكلمات التي يبحثها معاني، أما الآن فلم يعد يقتصر على بحث القواعد التي تتحكم في البناء الصوري للغة، بل أضاف إلى ذلك محاولة أخرى، هي البحث في القواعد التي تجعل للعبارات معنى، فبناؤه الفلسفي قوامه قواعد يزعم أنها تنطبق انطباقا عاما وضروريا على أية لغة كائنة ما كانت، وإذا فهمت هذه القواعد، فقد فهمت طريقة استخدام اللغة على الوجه الصحيح، وبالتالي فقد عرفت كيف تجتنب الأخطاء الناشئة عن سوء استخدام اللغة.»
16
Unknown page