Mawciza Hasana
الموعظه الحسنة
Genres
وممن أجمع الصحابة على ردته كندة بحضرموت لسبب يتعلق بالزكاة وهو أخف وأهون من هذا، وذلك أن زياد بن لبيد رحمه الله أخذ منهم الزكاة فخرج في سهم الصدقة ناقة نفيسة تسمى شذرة فأراد صاحبها إبدالها بجمل آخر فكره ذلك زياد، فتداعى الأمر إلى الحرب، فقام مع زياد البعض ومع صاحب الناقة البعض، فأجلب عليهم المسلمون وحكموا بردتهم وقتلوهم وسبوا ذراريهم وكانت شذرة أشأم من البسوس بين بكر وتغلب.
ومن ذلك ما كان من بني ناجيه، فإنهم طلبوا من علي عليه السلام إلحاق نسبهم بقريش فلم يصح له ذلك فوجدوا عليه ومنعوا من تسليم الصدقة إليه عامين عام صفين والعام الذي قبله حتى فرغ لهم وقتلهم وسباهم وأخذ من سبيهم، فما ترى في حال هؤلاء ومقاتلتهم وحكمهم.
وأما كلام الأئمة وإجماعهم على أن الإمام متى طلبها من كل من أمكنه إيصالها وجب عليه ذلك وإلا حورب فشاهر ظاهر كما رواه الهادي في قتل أهل مجز بجهات صعدة وتغنم أموالهم، وبني الحارث بنجران لما تغلبوا على الزكاة، وما نقلنا لك وحكينا إلا ما ذكره الأئمة وأوردوه كالإمام عز الدين بن الحسن في كتابه المعروف بالعناية التامة في تحقيق مسائل الإمامة مع نقل بعض ألفاظه، وأما ما حكاه الإمام الهادي يحيى بن الحسين عليه السلام والإمام يحيى في الانتصار حكاه عنه الإمام عز الدين بن الحسن وما حكاه المحقق العلامة الشرفي في ضياء ذوي الأبصار وغيره من الأئمة وهو مذهب الإمام المنصور بالله أحمد بن هاشم سلام الله عليه فهو مذهبنا وبه نقول ونعمل ونلزم.
وأما المفتي فلا يخلو إما أن يكون حاله حال الآخذ والصارف، وإلا فمن البدع الشنيعة والأمور الفظيعة ما ظهر من أهل الزمان من التصدي للفتوى والخبط فيها خبط العشوى من دون أن ينتظم المفتي في سلك أهل الانتقاد الفارقين بين الصحيح والسقيم، ومن كان كذلك فحقه السكوت كما قيل ليس بعشك فادرجي.
Page 6