219

Mawārid al-ẓamʾān li-durūs al-zamān

موارد الظمآن لدروس الزمان

Edition

الثلاثون

Publication Year

١٤٢٤ هـ

Genres

فهو جعل وظائف عبودية قبلة قلبه ونصب عينيه وقد شارك أهل كل عمل وذلك فضل الله.
وقال ﵀ ولما كان طالبُ الصراط المستقيم طَالِبَ أَمْرٍ أَكْثَرُ النَّاسِ نَاكِبُونَ عَنْهُ، مرِيدًا لِسُلُوكِ طَرِيقٍ مُرَافِقُهُ فيها في غَايَةِ الْقِلَّةِ والْعِزَّةِ، والنُّفُوسُ مَجْبُولَةٌ علَى وحْشَةٍ التَّفَرُّدِ، وعلى الأنس بالرفيق.
نَبَّهَ اللهُ سُبْحَانه على الرفيق في هذه الطريق، وأنَّهمُ هم الذين ﴿أَنْعَمَ اللهُ عَلَيْهِم مِّنَ النَّبِيِّينَ وَالصِّدِّيقِينَ وَالشُّهَدَاء وَالصَّالِحِينَ وَحَسُنَ أُولَئِكَ رَفِيقًا﴾ .
فأَضَاف الصِّرَاطَ إلى الرفِيقِ السالِكينَ لَهُ، وهُم الذين أَنْعَم اللهُ عليهم، لِيزُولَ عَن الطالِبِ لِلْهِدَايَةِ وسُلُوكِ الصِّرَاطِ وحْشَةُ تَفَردُّهِ عن أهِل زَمَانِهِ وبَنِي جِنْسِهِ، وَلِيَعْلم أَنْ رَفِيقَهُ في هَذا الصراط هم الذين أَنْعم اللهُ عليهم.
فلا يَكْتَرِثْ بِمُخَالَفَةِ النَّاكِبينَ عنه لَهُ فإنهم هم الأقَلُونَ قَدْرًا وإن كانوا الأكْثَرِينَ عَدَدًا، كما قَالَ بعضُ السلفِ: عليكَ بطريق الحقِّ ولا تَسْتَوحِشْ لِقِلَّةِ السَّالِكِين، وَإيَّاكَ وَطَرِيقَ البَاطِلَ وَلا تَغْتَرَّ بِكَثْرَةِ الهَالِكِينَ.
وَكُلَّمَا اسْتَوْحَشْتَ في تَفَرُّدِكَ فَانْظُرْ إلى الرَّفِيقِ السَّابِقِ وَاحْرِصْ عَلَى اللِّحَاقِ بِهِمْ، وَغُضِّ الطَّرْفَ عَنْ مَنْ سِوْاهُمْ فَإِنَّهُمُ لَنْ يُغْنُوا عَنْكَ مِنَ اللهِ شَيْئًا، وَإِذَا صَاحُوا بِكَ في طَرِيقِ سَيْرِكَ فَلا تَلْتَفِتْ إِلَيْهِمْ.
قَالَ وَلَمَّا كَانَ سُؤالُ اللهِ الْهِدَايةِ إِلى الصَّرَاطَ الْمُسْتَقِيمِ أَجَلَّ الْمَطَالِبِ، وَنَيْلُهُ أَشْرَفَ الْمَوَاهِبِ عَلَّمَ اللهُ عِبَادِهُ كَيْفِيَّةَ سُؤالِهِ، وأَمَرَهُمْ أَنْ يُقَدِّمُوا بَيْنَ يَدَيْهِ حَمْدَهُ والثَّنَاءَ عَلَيْهِ وَتَمْجِيدَهُ.
ثم ذَكَرَ عُبُودِيَّتَهُمْ وَتَوْحِيدَهُمْ فَهَاتَانِ وسِيلَتَانِ إِلى مَطْلُوبهم تَوَسُّلٌ

1 / 218