الحق من رد له سهوا أو غلطا، جيد القراءة للقرآن والحديث والخطابة شجى الصوت، مشارك فى الفضائل، متواضع متودد لطيف العشرة.
وكان يجلس للوعظ بالجامع الغمرى فيجتمع عنده الجم الغفير ليس له نظير فى الوعظ، وكان له اعتقاد تام فى الصوفية.
ولى مشيخة مقام أحمد بن أبى العباس الحرار بالقرافة الصغرى، وأقرأ الطلبة وكتب بخطه لنفسه ولغيره. ويحكى أن جلال الدين السيوطى كان ينقصه ويزعم أنه يسرق من كتبه ويستمد منها ولم ينسب النقل إليها وأدعى عليه بذلك بين يدى شيخ الإسلام زكريا الأنصارى فألزمه ببيان مدعاه فقال:
إنه نقل عن البيهقى وله عدة مؤلفات فليذكر لنا أنه ذكره فى أى من مؤلفاته لنعلم أنه نقله عنه، ولكنه رأى ذلك فى مؤلفاتى فنقله، وكان الواجب عليه أن يقول: نقل السيوطى عنه.
ثم إن الشيخ القسطلانى قصد إزالة ما فى خاطره فمشى من القاهرة حافى مكشوف الرأس إلى الروضة وكان السيوطى معتزلا عن الناس بها.
فوصل إلى بابه ودقه فقال له: من أنت؟ فقال: أنا القسطلانى جئت إليك حافيا مكشوف الرأس ليطيب خاطرك علىّ. فقال له: قد طاب ولم يفتح له الباب ولم يقابله.
وحج غير مرة وجاور سنة أربع وثمانين وأربع وتسعين وستين قبلها، وبالجملة فإنه كان إماما حافظا متقنا جليل القدر حسن التقرير والتحرير لطيف الإشارة بليغ العبارة حسن الجمع والتأليف لطيف الترتيب والترصيف زينة أهل عصره ونقاوة ذوى دهره ولا يقدح فيه، تحامل معاصريه عليه فلا زالت الأكابر على هذا فى كل عصر.
قال عنه الشعراوى: كان من أحسن الناس وجها طويل القامة حسن الشيب يقرأ بالأربع عشرة رواية: وكان صوته بالقرآن يبكى القاسى إذا قرأ فى المحراب تساقط الناس من الخشوع والبكاء وقال: أقام عند النبى- ﷺ فحصل له جذب فصنف المواهب اللدنية لما صحا، وقد أكثر فيه من
1 / 15