وقال يرثي القاضي ابن ذَكوان، نجيب ذلك الأوَان، في الفتنة وقد افتنّ في الآداب، وسنّ فيها سنَّة ابن دأب، وما فارق ربع الشّبابِ (شرخه)، ولا استمجد في الكهولة عفاره ولا مَرخه، وكان لأبي عامر هذا قسيم نفسه، ونَسيمَ أُنسِهِ:
ظَننَّا الذي نادى مُحِقًَّا بِمَوتهِ ... لعُظم الذي أنجى من الرُّزءِ كاذِبَا
وخِلنَا الصبَّاحَ الطَّلقَ ليلًا وإنَّما ... هبطنا خُدَاريًَّا من الحُزن كَارِبَا
ثَكلنَا الدُّجَى لمَّا استقلَّ وإنّنا ... فقدناك يا خيرَ البريَّةِ ناعِبَا
وما ذهبت إنْ حصّل المرءُ نَفسَه ... ولكنّما الإسلام أدبَرَ ذاهِبَا
ولمَّا أبَى إلاّ التَّحمُّلَ رائحا ... منحناه أعناقَ الكِرامِ ركائِبَا
1 / 196