بكر فناهيك من أبي عُرف ونُكر، وقد أربى على الدّهاة، وما صبا إلى الظبية ولا إلى المهاة، واستقل بالهول يقتحمه، والأمر يُسديه ويُلحمه، فأيّ ندى أفاض، وأيّ أجنحة بمُدىً هاض، فانقادت إليه الآمال بغير خِطَام، ووردت من نداه ببحر طام، ولم يزل بالدولة قائمًا، وموقظًا من بهجتها ما كان نائمًا، إلى أن صار الأمر إلى المأمون بن ذي النون أسد الحروب، ومسدّ الثغور والدروب، فاعتمد عليه واتّكل، ووكل إليه الأمر غير وكل، فما تعدّى الوزارة إلى الرياسة، ولا تردّى بغير التدبير والسياسة، فتركه مستبّدًا، ولم يجد من ذلك بُدًَّا، وكان أبو بكر
1 / 174