وليس من العلل التي تنسى في هذا المقام أنه كان زوجا لأخت أبي سفيان، وأن ولديه كانا متزوجين لرقية وأم كلثوم كريمتي رسول الله، وبين الزوجتين والزوجة إحن لا تهدأ، ولا تزال تتحين الفرصة للوقيعة والتفرقة والعداء.
وأيا ما كان من أبي لهب فهو الشذوذ الذي يستغرب ألا يكون، وليس بالغريب أن يكون!
وأشهر أبناء الأسرة من غير الأعمام ابن عمه الحبيب وابنه بالتربية: علي بن أبي طالب رضوان الله عليه، وصفاته وكفاياته تأخذ من كل سيد من ساداتها بنصيب: شجاعة، وطيبة، وفهم، وإقبال على المعرفة، وإيثار للمعروف.
أسرة لا تخرج النبوة وما خرجت قط من خير منها.
ونشأة النبي - عليه السلام - فيها أصدق المقدمات التي قلنا: إنها مقدمات التمهيد والتحضير، إلا أنها كسائر المقدمات التي مهدت من جانب لتقيم المصاعب كلها من جانب آخر.
أسرة عزيزة الآباء والأجداد، فخرها بالنسب أعظم من كل فخر، وسيادتها بالخلائق الموروثة أثبت من كل سيادة، ثم ينشأ لها من بينها نبي ينعى على الآباء والأجداد ما كانوا عليه من ضلالة، وينكر من الأبناء أن يسلكوا مسلكهم، ويهيموا على آثارهم، ويقول لهم كما قال إبراهيم:
قال لقد كنتم أنتم وآباؤكم في ضلال مبين [الأنبياء: 54].
ويهيب بمن آمن منهم:
يا أيها الذين آمنوا لا تتخذوا آباءكم وإخوانكم أولياء إن استحبوا الكفر على الإيمان [التوبة: 23].
ويدعوهم أن يتبعوا ما أنزل الله؛ لأن آباءهم لا يعقلون:
Unknown page