224

كما يعجب الحسناء صورة وجهها ... بما حكت المرآة من قسماته ولولا خوف الوقوع في دركات الإلحاد، لرفعت بحالنا في درجات قول أهل الاتحاد، وذلك سيدي وحياة روحي وجسدي، وباعتبار أخي ووالدي وولدي، من هو بين الأنام في الكمال أحمد، أحمد بن عبد الله بن أحمد، أحمد الله مساعيه، وبلغه آماله وأمانيه، وأطال في التوفيق والخيرات بقاءه، وعجل في الأوطان والأوطار لقاءه، فلقد نشر بنشر ذلك الكتاب رفاتي، ونفث في روعي وسمى(1) روح قدس بلاغته ما نفخ في مواتي روح حياتي، ما ذاك إلا لإقامة شخصي مثالا في سره الحي الحيي، فحرك خامدي وأذكى تذكار كلامه ظلام ذهني الغبي، فصاحة أساليبه (وحصافة تراكيبه)(2) ورصانة مبانيه، وحصانة معانيه، كطيور إبراهيم الخليل الأربعة، أراني الله بها كيف يحيي الموتى، ومعنى ما رأيت شيئا إلا رأيت الله معه، فعلى كريم غرته، وبهي بهجته، سلام يحاكي أزهار روض كلامه بهجة وطراوة(3)، وعبقة ورقة وطلاوة، وإكرام يشابه فواكه فكاهات قطوف جنان خطابه لذة ذوق وحلاوة، ورحمة من الله واسعة الأرجاء، رحبة الفناء، شاملة كلما يشار إليه بهنا وهنا، وتحيات طيبات مباركات تحياتها ترتاح بها الأرواح، وتحيا بها القلوب وتنزاح بها الأتراح، وتفرج بها الكروب على مر الليالي والأيام، وكر الشهور والأعوام، وما تفضل به سيدي من الدعاء بالهناء على ما من الله تعالى به من تلك النعمة التي أنعم بها من قضاء فريضة الحج إليه، والتلبية لندائه على لسان خليله صلى الله عليه، وشفعها بإتمام ما ذلك متوقف عليه الإسعاد والتوفيق واللطف الكريم إلى حضرة والدنا القدسية، والتبرك بالتملي(4) بغرته الكريمة النبوية، وتطهير السرائر بمشاهدة أسارير وجهه الوضية، والتقدس في نمير كوثر أخلاقه الرضية، وتكفير الذنوب بالتشرف بما أمكن من خدمته التي هي البغية السنية، الغنيمة البادرة الهنية /138/ فلله الحمد على نعمه الشاملة، وفواضله الكاملة، وعوارفه الجليلة المواقع، ومعارفه الجميلة البدائع، فما زال سيدي متلبسا بكل فضيلة، وملبسا غيره خبر تفضلاته الفضيلة، تلك نعمة لا يؤدى شكرها إلا بالاستكانة والخضوع، في أرض العجز والخشوع والخنوع، فلله الحمد كما هو أهله لا نحصي ثناء عليه، وهو كما أثنى على نفسه تقدس وتحمد، وتنزه وتفرد، وأفضل صلواته وبركاته وسلامه على أفضل أنبيائه محمد وعلى آله، ثم ليعذرني المولى المالك، في قصوري لا تقصيري عن مجاراته من البلاغة في تلك المسالك، فما كان ومتى كان وأنى يكون كمال أحد ككمالك، سيما مع أحوال أجمدن شعاع الأذهان، وأخمدن نيران البلاغة والبيان، حتى كل اللسن وانعقد اللسان، والمملوك ممتثل لما أشرت إليه، وهو الذي كان مبناه قبل ذلك عليه، لا برحتم راشدين مرشدين، مسعدين مسعدين(1)، ولا بد - إنشاء الله - من الإتفاق قريبا بمن الله وحوله، وفضله وطوله، ثم رجوع إلى مقام الإمام، - عليه أفضل التحية والسلام - هذا وسيدي بحفظ الله وحسن رعايته وأولاده ومن تحوطه شفقة قلبه، ومن بحضرته متحفون بشريف السلام، الخاص والعام، وعليه أفضل السلام والإكرام، والدعاء منكم مسؤول، كما هو لكم مبذول، كتبنا الله من أحبائه، وخصنا جميعا بأفضل حبائه، ولا حول ولا قوة إلا بالله العلي العظيم، وصلى الله على سيدنا محمد وآله وسلم.

ولما استبطاه مطهر بن الإمام وعاتبه كتب إليه كتابا تمثل فيه بقول طرفة بن العبد:

كليني لهم يا أميمة ناصب ... وليل أقاسيه بطي الكواكب

وفتح التاء من أميمة، فلما رأى ذلك السيد الأديب محمد الحوثي الآتي ذكره - إن شاء الله تعالى - اعترض بأنه مفرد ومبني على الضم، فقال السيد شمس الدين - رحمه الله -: عرفت هذا قبل أن تخرج من بطن أمك.

Page 249