قف يا أصمعي. فالتفت فلم أر أحدًا. فاقشعر جلدي. ثم نوديت الثالثة، فرفعت رأسي، فإذا شخص راكب بين السماء والأرض على كركي، وهو معمم بثعبان، وقد جعل رأسه مما يلي جبهة، وبيده أفعى يضرب عندهم؟ قلت: كتبت عنهم الأشعار واللغات والأخبار. قال: أتعرفني؟ قلت: لا. قال: أنا إبليس، أتيت رجلًا من الجن فسألته حاجة، فأبى علي فيها، وقد قلت في ذلك بيني شعرٍ، فاروهما عني، ثم أنشد: [مجزوء الكامل]
ما بقى في الإنس حر ... لا ولا في الجنحر
قد مضى حر الفريقي ... ن فطعم العيش مر
ثم ضرب كركيه ومشى. فلا أراه إلا كلف رجلًا من الجن أن يغوي له مؤمنًا من الإنس، فأبى عليه، والله أعلم.. قال الأديب أبو عمرو: وأنشدني بعض الأدباء قبل هذين البيتين:
ذهب الناس ومروا ... ومضى العيش الأغر
ومن نحو ذلك ما حدثني به الشيخ الصالح أبو جعفر بن عبد المجيد ﵀. ونقلت من خط خالي ﵀، عن الحافظ أبي عبد الله محمد بن إبراهيم ابن الفخار قال: حدثنا الفقيه أبو مروان بن بونة، قال: حدثنا أبو أنس العذري، قال: قال: أبو العباس الكاساني، قال: رأيت إبليس راكبًا على ثعبان ملجم بأفعى وهو يقول: [سريع]
ألم ير القاضي وأصحابه ... ما فعل الله بأهل الورى
بلى ولكن ليس من سفلةٍ ... إلا إذا استعلى أذل الورى
يا ليتني قد مت فيما مضى ... ولم أعش حتى أرى ما أرى
1 / 114