174

al-Matal al-saʾir fi adab al-katib wa al-saʿir

المثل السائر في أدب الكاتب و الشاعر

Investigator

أحمد الحوفي، بدوي طبانة

Publisher

دار نهضة مصر للطباعة والنشر والتوزيع

Publisher Location

الفجالة - القاهرة

والفريش ١ وذو العنان الركوب ٢ والفلوّ الضبيس ٣، لا يمنع سرحكم٤، ولا يعضد طلحكم ٥، ولا يحبس دركم ٦، ولا يؤكل أكلكم، ما لم تضمروا الإماق ٧، وتأكلوا الرباق ٨، من أقرَّ بما في هذا الكتاب فله من رسول الله الوفاء بالعهد والذمة، ومن أبى فعليه الربوة". وفصاحة رسول الله ﷺ لا تقتضي استعمال هذه الألفاظ، ولا تكاد توجد في كلامه إلا جوابًا لمن يخاطبه بمثلها، كهذا الحديث وما جرى مجراه، على أنه قد كان في زمنه متداولًا بين العرب، ولكنه ﷺ لم يستعمله إلا يسيرًا؛ لأنه أعلم بالفصيح والأفصح. وهذا الكلام هو الذي نعده نحن في زماننا وحشيًّا لعدم الاستعمال. فلا تظنّ أن الوحشي من الألفاظ ما يكرهه سمعك، ويثقل عليك النطق به، وإنما هو الغريب الذي يقل استعماله، فتارةً يخف على سمعك ولا تجد به كراهة، وتارةً يثقل على سمعك وتجد منه الكراهة. وذلك في اللفظ عيبان: أحدهما: أنه غريب الاستعمال. والآخر: أنه ثقيل على السمع، كريه على الذوق. وإذا كان اللفظ بهذه الصفة فلا مزيد على فظاظته وغلاظته، وهو الذي يسمى

١ هي التي وضعت حديثًا، فهي كالنفساء من النساء، والفرس بعد نتاجها بسبع ليال. ٢ ذو العنان الركوب: الفرس الذلول. ٣ الفلوّ: المهر الصغير، وقيل: العظيم من جميع أولاد الحافر، والضبيس: العسر الصعب الذي لم يرض. ٤ السرح: المواشي السائمة، أي: إنها لا تمنع من المرعى. ٥ يعضد: يقطع، والطلح: شجر عظام. ٦ الدر: اللبن، والمراد ذوات الدر من المواشي. ٧ الإماق -مخفف من الإمآق، ترك الهمز منه ليوازن الرباق، والإماق: نكث العهد من الأنفة. ٨ الرباق: جمع ربق -بالكسر، وهو حبل فيه عدة عرى تشد به البهيمة من يدها أو عنقها، والمعنى تقطعوا رباق العهد الذي في أعناقكم وتنقضوه، واستعار الأكل لذلك؛ لأن البهيمة إذا أكلت الربقة خلصت من الشد.

1 / 180