82

Maṭālib ulyāʾl-nuhā fī sharḥ ghāyat al-muntahā

مطالب أولي النهى في شرح غاية المنتهى

Publisher

المكتب الإسلامي

Edition Number

الثانية

Publication Year

١٤١٥هـ - ١٩٩٤م

أَنْ يَتَمَشَّطَ أَحَدُهُمْ كُلَّ يَوْمٍ» . قَالَ فِي " الْفُرُوعِ ": فَدَلَّ أَنَّهُ يُكْرَهُ غَيْرُ الْغِبِّ. وَالتَّرَجُّلُ: تَسْرِيحُ الشَّعْرِ وَدَهْنِهِ، وَظَاهِرُهُ أَنَّ اللِّحْيَةَ كَالرَّأْسِ وَاخْتَارَ الشَّيْخُ تَقِيُّ الدِّينِ فِعْلَ الْأَصْلَحِ لِلْبَدَنِ، كَالْغُسْلِ بِمَاءٍ حَارٍّ بِبَلَدٍ رَطْبٍ، لِأَنَّ الْمَقْصُودَ تَرْجِيلُ الشَّعْرِ، وَلِأَنَّهُ فِعْلُ الصَّحَابَةِ، وَإِنَّ مِثْلَهُ نَوْعُ الْمَلْبَسِ وَالْمَأْكَلِ، وَلَمَّا فَتَحُوا الْأَمْصَارَ كَانَ كُلٌّ مِنْهُمْ يَأْكُلُ مِنْ قُوتِ بَلَدِهِ وَيَلْبَسُ مِنْ لِبَاسِهِ مِنْ غَيْرِ أَنْ يَقْصِدُوا قُوتَ الْمَدِينَةِ وَلِبَاسَهَا.
(وَ) سُنَّ (اكْتِحَالٌ بِإِثْمِدٍ سِيَّمَا مُطَيَّبٌ) بِمِسْكٍ (كُلَّ لَيْلَةِ قَبْلَ نَوْمٍ) وِتْرًا (فِي كُلِّ عَيْنٍ ثَلَاثًا)، لِمَا رَوَى ابْنُ عَبَّاسٍ عَنْ النَّبِيِّ ﷺ «أَنَّهُ كَانَ يَكْتَحِلُ بِالْإِثْمِدِ كُلَّ لَيْلَةٍ قَبْلَ أَنْ يَنَامَ، وَكَانَ يَكْتَحِلُ فِي كُلِّ عَيْنٍ ثَلَاثَةَ أَمْيَالٍ» رَوَاهُ أَحْمَدُ وَأَبُو دَاوُد وَالتِّرْمِذِيُّ وَابْنُ مَاجَهْ.
(وَ) سُنَّ (نَظَرٌ فِي مِرْآةٍ) لِيُزِيلَ مَا عَسَى أَنْ يَكُونَ بِوَجْهِهِ مِنْ أَذًى (وَيَقُولُ) مَا وَرَدَ، وَمِنْهُ «اللَّهُمَّ كَمَا حَسَّنْتَ خَلْقِي فَحَسِّنْ خُلُقِي وَحَرِّمْ وَجْهِي عَلَى النَّارِ» لِخَبَرِ أَبِي هُرَيْرَةَ، رَوَاهُ أَبُو بَكْرِ بْنُ مَرْدُوَيْهِ. وَالْخَلْقُ الْأَوَّلُ، بِفَتْحِ الْخَاءِ: الصُّورَةُ الظَّاهِرَةُ، وَالثَّانِي، بِضَمِّهَا: صُورَتُهُ الْبَاطِنَةُ.
(وَ) سُنَّ (تَطَيُّبٌ)، لِخَبَرِ أَبِي أَيُّوبَ مَرْفُوعًا «أَرْبَعٌ مِنْ سُنَنِ الْأَنْبِيَاءِ: الْحِنَّاءُ وَالتَّعَطُّرُ وَالسِّوَاكُ وَالنِّكَاحُ» رَوَاهُ أَحْمَدُ. فَيُسْتَحَبُّ لَرَجُلٍ (بِظَاهِرِ رِيحٍ خَفِيَ لَوْنٌ)، كَبَخُورِ الْعَنْبَرِ وَالْعُودِ. وَكَانَ أَحْمَدُ يُعْجِبُهُ الطِّيبُ، لِأَنَّ رَسُولَ اللَّهِ ﷺ «كَانَ يُحِبُّ الطِّيبَ وَيَتَطَيَّبُ كَثِيرًا» . (وَلِامْرَأَةٍ فِي غَيْرِ بَيْتِهَا) عَكْسُهُ وَهُوَ مَا يَظْهَرُ لَوْنُهُ وَيَخْفَى رِيحُهُ كَالْوَرْدِ وَالْيَاسَمِينِ، لِأَثَرٍ رَوَاهُ التِّرْمِذِيُّ وَالنَّسَائِيُّ، وَحَسَّنَهُ مِنْ حَدِيثِ أَبِي هُرَيْرَةَ، (لِأَنَّهَا مَمْنُوعَةٌ إذَنْ) - أَيْ: فِي غَيْرِ بَيْتِهَا - مِمَّا يَنُمُّ عَلَيْهَا بِإِظْهَارِ جَمَالِهَا (مِنْ ضَرْبٍ بِرِجْلٍ، لِيُعْلَمَ مَا تُخْفِي مِنْ زِينَةٍ)، قَالَ تَعَالَى: ﴿وَلا يَضْرِبْنَ بِأَرْجُلِهِنَّ لِيُعْلَمَ مَا يُخْفِينَ مِنْ زِينَتِهِنَّ﴾ [النور: ٣١] لِأَنَّهُ يُؤَدِّي إلَى

1 / 84