Matalib Uli Nuha
مطالب أولي النهى في شرح غاية المنتهى
Publisher
المكتب الإسلامي
Edition Number
الثانية
Publication Year
١٤١٥هـ - ١٩٩٤م
Genres
Hanbali Jurisprudence
[فَصْلٌ فِي مَسَائِلَ مِنْ الشَّكِّ فِي الطَّهَارَةِ]
(فَصْلٌ) فِي مَسَائِلَ مِنْ الشَّكِّ فِي الطَّهَارَةِ (وَمَنْ شَكَّ) - أَيْ: تَرَدَّدَ، قَالَ فِي " الْقَامُوسِ ": الشَّكُّ: خِلَافُ الْيَقِينِ - (فِي طَهَارَةٍ) بَعْدَ يَقِينِ حَدَثٍ (أَوْ) شَكَّ فِي (حَدَثٍ) بَعْدَ يَقِينِ طَهَارَةٍ، (وَلَوْ) كَانَ شَكُّهُ (فِي غَيْرِ صَلَاةٍ) (بَنَى عَلَى يَقِينِهِ)، وَهُوَ الطَّهَارَةُ فِي الْأُولَى، وَالْحَدَثُ فِي الثَّانِيَةِ، لِحَدِيثِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ زَيْدٍ قَالَ: «شُكِيَ إلَى النَّبِيِّ ﷺ الرَّجُلُ يُخَيَّلُ إلَيْهِ أَنَّهُ يَجِدُ الشَّيْءَ فِي الصَّلَاةِ، فَقَالَ: لَا يَنْصَرِفْ حَتَّى يَسْمَعَ صَوْتًا أَوْ يَجِدَ رِيحًا» مُتَّفَقٌ عَلَيْهِ. وَلِمُسْلِمٍ مَعْنَاهُ مَرْفُوعًا مِنْ حَدِيثِ أَبِي هُرَيْرَةَ، وَلَمْ يَذْكُرْ فِيهِ: وَهُوَ فِي الصَّلَاةِ، وَلِأَنَّهُ إذَا شَكَّ تَعَارَضَ عِنْدَهُ الْأَمْرَانِ فَيَجِبُ سُقُوطُهُمَا كَالْبَيِّنَتَيْنِ إذَا تَعَارَضَتَا، وَيَرْجِعُ إلَى الْيَقِينِ (وَلَوْ عَارَضَهُ ظَنٌّ)، لِأَنَّ غَلَبَةَ الظَّنِّ إذَا لَمْ يَكُنْ لَهَا ضَابِطٌ فِي الشَّرْعِ لَمْ يُلْتَفَتْ إلَيْهَا كَظَنِّ صِدْقِ أَحَدِ الْمُتَدَاعِيَيْنِ بِخِلَافِ الْقِبْلَةِ وَالْوَقْتِ، هَذَا اصْطِلَاحُ الْفُقَهَاءِ، وَعِنْدَ الْأُصُولِيِّينَ إنْ تَسَاوَى الِاحْتِمَالَانِ فَهُوَ شَكٌّ، وَإِلَّا فَالرَّاجِحُ ظَنٌّ، وَالْمَرْجُوحُ وَهْمٌ، وَالْأَوَّلُ مُوَافِقٌ لِلُّغَةِ كَمَا فِي " الْقَامُوسِ " قَالَ فِي مُقَدِّمَةِ الرَّوْضَةِ: الْيَقِينُ مَا أَذْعَنَتْ النَّفْسُ لِلتَّصْدِيقِ بِهِ، وَقَطَعَتْ بِهِ، وَقَطَعَتْ بِأَنَّ قَطْعَهَا صَحِيحٌ، وَفِيهِ أَقْوَالٌ أُخَرُ.
قَالَ ابْنُ نَصْرِ اللَّهِ: فِي تَسْمِيَتِهِ مَا هُنَا يَقِينًا بَعْدَ وُرُودِ الشَّكِّ عَلَيْهِ نَظَرٌ، نَعَمْ كَانَ يَقِينًا ثُمَّ صَارَ الْآنَ شَكًّا، فَاعْتُبِرَتْ صِفَتُهُ السَّابِقَةُ، وَقُدِّمَتْ عَلَى صِفَتِهِ اللَّاحِقَةِ، لِلْأَحَادِيثِ الصَّحِيحَةِ فِي ذَلِكَ اسْتِصْحَابًا لِلْأَصْلِ السَّابِقِ لِمَا قَارَنَهُ مِنْ الْيَقِينِ، وَتَقْدِيمًا لَهُ عَلَى الْوَصْفِ اللَّاحِقِ لِنُزُولِهِ عَنْ دَرَجَتِهِ.
(وَإِنْ تَيَقَّنَهُمَا) - أَيْ: الْحَدَثَ وَالطَّهَارَةَ - بِالْمَعْنَى الْوَصْفِيِّ لَا الْفِعْلِيِّ، لِئَلَّا يَتَكَرَّرَ مَعَ مَا سَيَأْتِي، أَيْ: تَيَقَّنَ كَوْنَهُ اتَّصَفَ بِالْحَدَثِ وَالطَّهَارَةِ بَعْدَ الشُّرُوقِ مَثَلًا، (وَجَهِلَ أَسْبَقَهُمَا) بِأَنْ
1 / 150