Matalib Saul
مطالب السؤول في مناقب آل الرسول
Genres
حذره ونسي خبره ورجع عنه وليه ونديمه ونسيبه وحميمه وتبدل به قريبه وحبيبه، فهو حشو قبر ورهين حشر يدب في جسمه دود قبره ويسيل صديده من منخره وتسحق تربته لحمه وينشف دمه ويرم عظمه حتى يوم حشره، فينشره من قبره وينفخ في صور ويدعى لمحشر ونشور فثم بعثرت قبور وحصلت سريرة صدور وجيء بكل نبي وصديق وشهيد ونطيق، وقعد لفصل حكمه قدير بعبده خبير نصير فكم زفرة تغنيه وحسرة تضنيه في موقف مهيل ومشهد جليل، بين يدي ملك عظيم بكل صغيرة وكبيرة عليم فحينئذ يلجمه عرقه ويحفزه قلقه، فعبرته غير مرحومة وصرخته غير مسموعة وبرزت صحيفته وتبينت جريرته فنظر في سوء عمله وشهدت عينه بنظره ويده ببطشه ورجله بخطوه وجلده بلمسه وفرجه بمسه، وتهدده منكر ونكير وكشف له حيث يصير فسلسل جيده وغلت يده وسيق يسحب وحده، فورد جهنم بكرب شديد وظل يعذب في جحيم ويسقى شربة من حميم تشوي وجهه وتسلخ جلده، يستغيث فيعرض عنه خزنة جهنم ويستصرخ خفية بندم نعوذ برب قدير من شر كل مصير ونسأل عفو من رضي عنه ومغفرة من قبل منه، وهو ولي مسألتي ومنجح طلبتي فمن زحزح عن تعذيب ربه جعل في جنته بقربه وخلد في قصور ونعمة وملك بحور عين وتقلب في نعيم وسقي من تسنيم مختوم بمسك وعبير يشرب من خمر معذوذب شربة ليس تنزف لبه. هذه منزلة من خشي ربه وحذر نفسه وتلك عقوبة من عصى منشئه وسولت له نفسه معصيته، لهو قول فصل خير قصص قص ووعظ به ونص تنزيل من حكيم حميد.
فهذه خطبة اسجلها من علم بيانه المؤتلف وارتجلها لوقته عرية عن الألف، وجعلها عنوان علمه المتنوع وفضله المختلف تشهد أن العناية الربانية مرت له اخلاف العلوم والآداب واستخرجت بمخضها له منه زبد الأوطاب، وأنزلت على قلبه ولسانه معرفة الحكمة وفصل الخطاب.
Page 214