Masirat Masrah Fi Misr
مسيرة المسرح في مصر ١٩٠٠–١٩٣٥ : فرق المسرح الغنائي
Genres
فرق المسرح الغنائي الكبرى
فرقة سلامة حجازي.
فرقة أولاد عكاشة.
فرقة منيرة المهدية.
فرقة سلامة حجازي
قال سلامة حجازي عن بدايته المسرحية:
1
حملني على اختيار فن التمثيل ميل تولد في صدري، وأنا لا أزال منشدا قارئا للقرآن الشريف، وذلك من ترددي على دور التمثيل الإفرنجية مع بعض أصدقائي من كرام السوريين الخبيرين بأصول هذا الفن الجميل، وهم الذين كانوا يزينون لي أن أظهر على مرسح التمثيل ليلة واحدة على الأقل، فلبيت طلبهم وقمت بتمثيل دورين معا من رواية «مي» مع جوق سليمان الحداد، وهما دور كورياس ودور الملك. وكان مراد الناس بتلذذ سماع صوتي لا رؤية تمثيلي، فجاء الأمر على عكس ما أرادوا؛ لأن تمثيلي كان الغالب على صوتي، والسبب في ذلك أن أهل الإسكندرية كانوا قد سمعوا صوتي وألفوا إنشادي، أما تمثيلي فكان غريبا في أعينهم كما كان غريبا علي أنا أيضا. فقد طالما رأوني في النهار بجبة وقفطان وعمامة، أمشي الهويناء والسبحة بيدي، وإذا بهم يروني ليلا على ظهر المرسح، والسيف بيدي أسرح وأمرح تحت اسم البطل الهمام والأسد الضرغام كورياس، ثم رأوني في الفصل الثالث ظاهرا بالهيبة والوقار أمثل دور الملك. حين رأيت نفسي على كرسي الملك ووزراء اليونان وعلماءها وكبار المملكة والخدم والحشم أمامي وحولي آمر وأنهى، ظننت أنني في منام. فقلت في نفسي ما قاله «أبو الحسن»: يا ليتني أبقى نائما إلى يوم القيامة. هذا، وما انتهى التمثيل في تلك الليلة التي نلت فيها استحسان الكبار والأدباء، حتى شعرت بغبطة وسرور في نفسي، وأنست مني ميلا إلى هذا الفن الجميل. ثم دعيت بعد أشهر قليلة إلى تمثيل 4 ليال في الأوبرا الخديوية بصحبة صديقي سليمان القرداحي، فلما وقفت لأول مرة على مرسح الأوبرا العظيم، وأجلت نظري ورأيت مليك البلاد المغفور له توفيق باشا، ودرويش باشا المندوب السلطاني، وعرابي باشا ورجاله، ونظار الحكومة ورجالها، وكبار كل أمة وطائفة في مصر من مصريين وسوريين وإسرائيليين؛ راعني الموقف وجرت إلي دهشة غريبة خشيت معها أن أفشل وأن يرتج علي، إلا أن الاستحسان كان يتلو الاستحسان، والهدية تتلو الهدية، والتنشيط للمثابرة على التمثيل من كل من عرفني ورآني، فاعتقدت حينئذ بشرف هذا الفن وفوائده لي ولبلادي، ثم عدت إلى الإسكندرية للتمثيل، ولكن لم نمثل - لسوء الحظ - إلا ليلة واحدة، ثم حدثت الحادثة المشئومة حادثة 11 يونيو،
2
فانقطعنا عن التمثيل وفي قلبي منه أجمل ذكرى، وبعد الحادثة العرابية ألف المرحوم يوسف الخياط مع أخيه المقاول الشهير أنطون الخياط جوقا كبيرا، كان فيه نفر من أفاضل الممثلين السوريين، فلما توسما في الميل وبعض الاستعداد بصوتي وتمثيلي سألاني الانضمام إلى الجوق فلبيت الدعوة مسرعا. وقد استفدت وقتئذ - والحق يقال - فوائد عظيمة، وكان تمثيلي إذ ذاك متواليا بين الأوبرا الخديوية في مصر وبعض تياترات الإسكندرية. وانقطعت إلى التمثيل تماما لما حضرت إلى مصر، واتفقت مع حضرة الفاضل إسكندر فرح، وقد ثبتنا سويا على ممارسته أعواما طوالا؛ إذ رأينا من سكان البلاد ميلا إليه ورغبة في الإقبال عليه.
Unknown page