Masirat Masrah Fi Misr
مسيرة المسرح في مصر ١٩٠٠–١٩٣٥ : فرق المسرح الغنائي
Genres
هذا النشاط المتنوع من قبل فرقة إسكندر فرح لاقى استحسان الجميع، ووصل بمكاتب جريدة «المؤيد» بالإسكندرية أن يصفه بالمدرسة الأدبية، قائلا في 21 / 11 / 1900:
قصدت ذات ليلة بالقاهرة التياترو المصري العربي الذي يديره حضرة إسكندر فرح، ويحييه الشيخ سلامة حجازي، فسرني ما شاهدته من الحضور الذين كانوا في غاية السكون والاستعداد لسماع تمثيل الممثلين، حتى خيل لي أني أشاهد التشخيص من أعظم جوقة أوروبية، وأرى أمامي قوما غير من أشاهدهم في الثغر الإسكندري. ما ذلك إلا من مثابرة هذا الجوق واستمراره على التشخيص في معظم الأيام، فوجوده بهذه الحالة كان أعظم مدرسة لسكان القاهرة يتعلمون منها آداب فن التمثيل.
ونجد أيضا ناقد جريدة «المحروسة» يعتبر هذه الفرقة بآدابها ومعارفها الوسيلة الوحيدة لمحاربة الفجور والخلاعة، قائلا تحت عنوان «التمثيل العربي» في 9 / 4 / 1904:
القاهرة على اتساعها وغناها وكثرة سكانها، لا يوجد فيها سوى ثلاثة مراسح، اثنان منها للحكومة والآخر لأحد الرعايا، وكلها مشغولة بالأجواق الأوروبية، ما عدا واحدا منها، فإنه يتراوح بين الجنسين، وكأن الغيرة على التمثيل أبت أن تفقد من ذويها أنصارا، فتمثلت في شخص حضرة الفاضل إسكندر فرح صاحب الجوق العربي في مصر، فشاد مسرحا في شارع عبد العزيز، وجعل يمثل فيه أهم الروايات الأدبية التي عني أبناء اللغة العربية في تأليفها، وجعل ثمن تذاكر الدخول زهيدة؛ حتى لا يحرم أحد فائدة هذا الفن فنجح ... فأصبح الإقبال عليه أعظم من ذي قبل. ولو كان شبابنا يسعون وراء الفضل والفضيلة واقتباس فوائد المدنية الصحيحة، ويرغبون في فائدة البلاد وترقيتها، لكانوا يعضدون هذا الفن تعضيدا يجعله ذا شأن عظيم. ولكن كيف يتركون قهاوي الرقص ومنتديات الخلاعة وحانات السكر وبيوت الميسر ومنازل الفجور ويحضرون إلى التياترات؛ حيث تمثل الآداب والفضائل وتقتبس الفوائد وتهذب العقول؟! نراهم يرمقون إعلانات التمثيل ويطرحونها دون أن يطالعوا ما تتضمن، أما إعلانات منتديات الخلاعة التي لا تخلو من رسوم ربات الفجور فإنهم يطالعونها بإمعان ... ترى الفرد من شبان هذه البلاد لا هم له سوى إتقان بزته وبذل جهده في سبيل الرذيلة، كأن البلاد لا تطلب منه غير ذلك. وقد كنا نود لو سنت الحكومة لائحة لإقفال جميع منتديات الخلاعة، ونفي أصحابها، حتى لا يبقى في البلاد أثر لهم، ويضطر الشبان إلى اتباع ما فيه الصالح لأنفسهم، ولكن أنى لحكومتنا أن تفعل ذلك ما دامت لا تريد أن تتعرض للحرية العمومية، ولو كان فيها خراب البلاد! ولعل انتشار المعارف في هذا العصر يساعد على إقفال هذه المحلات الشريرة، فتكون الشبيبة قد وجدت من نفسها خير زاجر وواعظ.
ومن الملاحظ أن نشاط فرقة إسكندر فرح، والذي حددناه بالفترة من يناير 1900 وحتى فبراير 1905، هو نشاط ثابت لا يتغير في مضمونه أو شكله أو تأثيره في أية فترة سابقة، بعكس ما حدث بعد فبراير 1905. فهذا التاريخ هو تاريخ آخر نشاط فني معتاد لفرقة إسكندر فرح، بكل ما تمتلكه من إمكانيات فنية وبشرية سابقة، وبالأخص وجود أكبر وأنشط عنصر فني بها، وهو الشيخ سلامة حجازي.
فالشيخ سلامة حجازي قرر في فبراير 1905 الانفصال عن فرقة إسكندر فرح، وتكوين فرقة مسرحية خاصة به؛ بسبب خلاف حاد وقع بينه وبين قيصر فرح مدير الفرقة وموزع الأدوار، ولأن ممثلي فرقة إسكندر فرح يعلمون جيدا أن سلامة حجازي هو أساس الفرقة، وبدونه تتوقف الفرقة ويتشرد أفرادها، قرروا بالإجماع ترك فرقة إسكندر فرح، والانضمام إلى فرقة سلامة حجازي الجديدة.
61
وبدأت الفرقة أول عروضها من خلال مسرحية «صلاح الدين الأيوبي» بمسرح حديقة الأزبكية في 16 / 2 / 1905.
62
وهذا التاريخ يعتبر البداية الحقيقة لأول فرقة مسرحية مصرية كبرى على الإطلاق.
Unknown page