Masirat Masrah Fi Misr
مسيرة المسرح في مصر ١٩٠٠–١٩٣٥ : فرق المسرح الغنائي
Genres
ومسرحية «أنصاف» تدور أحداثها حول جمال ابن العمدة خميس، الذي يتزوج من الخياطة أنصاف، ويعيش معها في سعادة، إلا أن العمدة غير راض عن هذا الزواج، وكان يتمنى أن يزوج ابنه من نرجس شقيقة رتيبة زوجة كامل ابن عم خميس. ويحاول العمدة أن يعطي لأنصاف مبلغا من المال كي تترك ابنه، إلا أنها ترفض وتتمسك بجمال. وفي هذه الفترة كان يزور جمال صديقه صدقي، وفي إحدى المرات جلس صدقي مع أنصاف، وأخذ يتحدث معها عن شقيقته التي فقدها منذ الطفولة، ومع الحوار يتضح له أن أنصاف هي شقيقته المفقودة. وفي نفس الوقت تدبر رتيبة مكيدة استطاعت من خلالها أن تجعل جمال يشك في زوجته ويتهمها بالخيانة مع صديقه صدقي، ويطردها من البيت، ويمرض صدقي بسبب هذا الاتهام، ويأتي أحد الأطباء من أصدقاء والد صدقي ليمرضه، ويعلم منه قصة أنصاف شقيقته، فيساعده الطبيب ويذهب إلى جمال ويثبت له أن صدقي شقيق زوجته، ويعطيه المستندات الدالة على ذلك، فيفرح الجميع بهذا الخبر، ويجتمع شمل الأسرة مرة أخرى بعد أن ثبت للجميع أن أنصاف من عائلة مرموقة.
وفي أغسطس من العام نفسه اتخذت الفرقة مسرحا ثابتا لها، هو مسرح كازينو برادي بشارع الخليج بالظاهر. وعلى هذا المسرح مثلت الفرقة معظم مسرحياتها، وكان الموسيقي إسكندر شلفون مدير المعهد الموسيقي المصري بالظاهر يساعد أحمد الشامي في عروضه، وذلك بعزف القطع الموسيقية بين الفصول.
17
ومن أهم المسرحيات التي عرضت على مسرح كازينو برادي مسرحية «ابنة حارس الصيد» في أغسطس 1926، وكانت من تمثيل: أحمد الشامي، روز الصافي، رياض القصبجي، مصطفى شريف، أحمد شاهين، محمد أنيس حامد، عزيزة، إيلين، نفيسة. وقد كتب محمود طاهر العربي، ناقد مجلة «ألف صنف وصنف»، كلمة عن هؤلاء الممثلين، في 10 / 8 / 1926، قال فيها:
الشيخ أحمد الشامي: أستاذ فني قدير ومطرب محبوب. كان يشتغل لأول عهده في تياترو إسكندر فرح، وهو كثير التنقل بفرقته في الوجهين القبلي والبحري. مستقيم طيب القلب حسن الخلق، يؤدي الفرائض الدينية بعناية تامة ودقة. كفء في عمله لم يكتسب كفاءته بالأقدمية فقط، ولكن بالتفوق الغريزي والمقدرة الطبيعية. السيدة روز الصافي: الممثلة الأولى في هذه الفرقة، وهي مبدعة للغاية. وارى أن سيكون لها مستقبل زاهر في عالم التمثيل متى أتيح لنبوغها أن يظهر في المسارح الكبرى. وهي فوق ذلك متحشمة مستقيمة، حسنة السير ولها سمعة طيبة. رياض القصبجي: ممثل مجيد، قضى في التمثيل نحو ثماني سنوات، يحسن تمثيل الدرام عنه في الكوميدي، وقد اشتغل في كثير من الفرق وتدرب على إدارتها. مصطفى شريف: كان يمثل دور الكوميدي، ورغم حداثة عهده في التمثيل كان متقنا إلى حد ما. وأرجح أنه قد يتقن أدوار الدرام عن الكوميدي، وإن كنت لم أشاهده في شيء منها. أحمد شاهين: اشتغل بالتمثيل منذ اثني عشر عاما، قضى أكثرها في هذه الفرقة. محمد أنيس حامد: شاب لم يتجاوز العقد الثاني، وهو حديث العهد بالمسارح، ولكنه خفيف الروح في عمله. أما السيدات فلا بأس بهن كممثلات لم يدربن بعد على العمل، عدا السيدة عزيزة فإنها تحسن كل دور يسند إليها، وهي قديمة العهد بالتمثيل، اشتغلت في عدة فرق.
وفي مجلة «المسرح» بتاريخ 6 / 9 / 1926 كتب الناقد محمد عبد المجيد حلمي كلمة وافية عن الشيخ أحمد الشامي وفرقته - بعد أن نشر صورته وصورة ممثلته الأولى جميلة سالم، ومدير مسرحه وأحد ممثلي الفرقة رياض القصبجي - قال فيها: «كل المشتغلين بالتمثيل والمتتبعين للحركة المسرحية في مصر يعرفون الأستاذ الشيخ أحمد الشامي المطرب الممثل المعروف. على أنه مما يؤسف له، ومما يجعلنا نألم أشد الألم ، أن الشيخ أحمد الشامي رجل عاثر الحظ، ما يكاد ينهض حتى تدهمه الأقدار فيتدهور. هو من هذه الوجهة كالأستاذ جورج أبيض، فما يكاد يجمع شمله وينظم أمره ويبرز إلى ميدان العمل حتى تتدهور أحواله، فيعود صامتا ساكنا كما كان. لست أدري على تأكيد حقيقة هذا الفشل الذي يعتور هذه الفرق. فقد يعزى إلى سوء الإدارة، وقد ينسب إلى قلة المحصول المسرحي الذي تظهر به الفرقة أمام الجمهور. ولا تنس أن المالية هي أكبر عماد لنجاح الفرق وتقدمها. والأستاذ الشيخ أحمد الشامي ممثل لا أنكر أنني شاهدته وأنا صغير لأول مرة في رواية «أسرار القصور»، فأعجبت به وصفقت له طويلا. وظل في نظري مدة طويلة ممثلا عبقريا ومنشدا مسرحيا من الطبقة الأولى. ومضت مدة الآن لم أشاهده أو أسمعه فيها؛ لذلك لست أدري الآن ما مكانته المسرحية بالضبط. على أن الذي أعلمه أنه كون له فرقة تشتغل الآن في تياترو الظاهر، وأنه يعيد إخراج رواياته القديمة، وفي مقدمتها رواية «على كوبري قصر النيل». في نظري أنا، أرى هذه الفرق الصغيرة أحق بالتشجيع والمساعدة من الفرق الكبيرة التي تستطيع أن تنهض بنفسها، وأن تعمل وتنجح وتكسب بدون مساعدة مادية أو أدبية خارجية. أما هذه الفرق الصغيرة فهي التي تحتاج إلى المساعدة وإلى التعضيد لتنهض وتقوي مركزها، فقد تصبح بعد ذلك في يوم من الأيام ذات مكانة ونفع للفن، في بلد يحتاج إلى الإكثار من عدد الفرق التمثيلية حتى تقوى النهضة المسرحية.»
وفي عام 1927 عاد أحمد الشامي إلى التنقل بمسرحياته في أكثر من مسرح، حيث مثل في مايو ويونية عدة مسرحيات قديمة وجديدة، منها: «انتقام الزوجة»، «الهوانم»، «تسبا»، وذلك على مسرحي: دار التمثيل العربي والهمبرا بالإسكندرية.
18
وفي الشهور الأولى من عام 1929 وجدنا فرقة أحمد الشامي تعمل بالإسكندرية، حيث كانت تحيي الليالي التمثيلية لصالح بعض المدارس والجمعيات الخيرية، ومنها مسرحية «أنصاف» لصالح مدرسة زهرة الأطفال الخيرية الإسلامية بالإسكندرية، وكان مقررا لها يوم 10 يناير بتياترو البلفدير، ولكن هذا المسرح احترق قبل موعد التمثيل، فتم تأجيل الحفلة إلى يوم 7 فبراير بمسرح محمد علي بالإسكندرية. وأيضا مسرحية «على كوبري قصر النيل»، يوم 5 مارس، لصالح جمعية المواساة الخيرية الإسلامية لفقراء رمل الإسكندرية.
19
Unknown page