الفصل الثاني في الخطأ
وهو القصد لفعل شيء يجوز فعله فيخطأ من غيره، كما إذا قصد أن يضرب طيرا مباحا فأصابت الضربة إنسانا مثلا أو يقصد أن يقول لزوجته أنت بارة أو جالس فيقول لها أنت طالق مثلا أو يقصد أن يقول لعبده أنت صالح يقول له: أنت حر ونحو ذلك أو يقصد أن يقول: اللهم ارحمني فيقول: اللهم عذبني كما جرى ذلك لبعض الصحابة أراد أن يقول اللهم أدخلني الجنة فيقال اللهم أدخلني النار فاشتد ذلك عليه حتى قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ((لا بأس عليك لك ما نويت))([1]) فإذا يظهر لك أن في الخطأ نوعا من القصد ولذا صلح أن يكون سببا لبعض الأحكام كتسليم الدية وتحرير الرقبة ونحو ذلك لكن لما كان القصد فيه غير تام صلح أن يكون مخففا فتجب الدية على العاقلة ويرتفع القصاص بسببه ونحو ذلك.
(ورفع الإثم لدى الخطأ ومن=
ألزمه الظاهر حكما يسلمن)
(كالقاتل النفس وكالمطلق=
زوجته خطأ ومثل المعتق)
(قوله ورفع الإثم لدى الخطأ) أي رفع الله إثم الخطأ عن صاحبه على لسان نبيه صلى الله عليه وسلم وسكت المصنف عن رفع الأحكام بالخطأ لأن المذهب المشهور بيننا إنما هو رفع الإثم بالخطأ لا غيره من الأحكام من نحو الضمانات وذهب قوم إلى رفع الأحكام أيضا فلا ضمان عندهم على من أخطأ فأتلف بخطئه مالا أو نحو ذلك. وفي الجزء الثامن عشر من المصنف من المسائل ما هو مبني على هذا المذهب فراجعه. وهل يجوز على الله المؤاخذة أم لا..؟ ذهبت المعتزلة إلى منع ذلك وأجازته الأشعرية وفي ظاهر قوله تعالى ((لا تؤاخذنا إن نسينا أو أخطأنا))([2]) قالوا لم تجز المؤاخذة به ما طلبوا رفعها والاتفاق على عدم وقوع المؤاخذة به.
Page 379