وفي حديث الطبراني ليس مني ذو حسد ولا نميمة ولا كهانة ولا أنا منة وفي حديث الحاكم والديلمي أن إبليس يقول: ابغوا من بني آدم البغي والحسد فإنهما يعدلان عند الله الشرك فهذه الأحاديث كلها دالة على أن الحسد من الكبائر أما قوله صلى الله عليه وسلم ((الحسد في اثنين رجل آتاه الله القرآن فقام به وأحل حلاله وحرم حرامه ورجل آتاه الله مالا فوصل به أقرباءه ورحمه وعمل بطاعة الله تمنى أن يكون مثله))([31]) ففيه إطلاق الحسد على الغبطة تجوزا ألا ترى إلى قوله في آخر الحديث ((تمنى أن يكون مثله)) ولم يقل تمنى أن تزول نعمته وأما قوله عليه الصلاة والسلام ((كل ابن آدم حسود لا يضر حاسدا حسده ما لم يتكلم باللسان أو يعمل باليد)) ففيه بيان الحسد المعفو عنه وهو ما يجده الإنسان في نفسه اضطرارا فإنه لا يؤاخذ به حتى يحققه بالأفعال الاختيارية ومن (آفات) الحسد أن فيه تسخطا لقضاء الله إذا أنعم على الغير بما لا مضرة عليك فيه وشماتة بأخيك المسلم قال تعالى ((إن تمسسكم حسنة تسؤهم وإن تصبكم سيئة يفرحوا بها))([32]) (وعلاجه) أن تعرف أنه يضر الحاسد دينا ودنيا ولا يضر الحسود لا دينا ولا دنيا إذ لا تزول نعمة بحسد قط، وإلا لم تبق لله نعمة على أحد حتى إيمان لأن الكفار يحبون زواله عن أهله بل المحسود منتفع بحسدك دنيا لأنه مظلوم من جهتك سيما إن أبرزت حسدك إلى الخارج بالغيبة وهتك الستر وغيرهما من أنواع الإيذاء، فهذه هدايا تهدي إليه حسناتك بسببها حتى تلقى الله يوم القيامة مفلسا محروما من النعم كما حرمت منها في الدنيا ودينا لسلامته من غمك وحزنك وغيرهما ا. ه.
(قوله كذا الرياء) ويسمى الشرك الأصغر وهو إرادة العامل بعبادته غير وجه الله كأن يقصد اطلاع الناس على عبادته وكماله حتى يحصل له منهم مال أو جاه أو ثناء.
Page 331