257

Mashariq

مشارق أنوار العقول

Genres

( قوله والتجسس) أي حرام في الكل ومعنى التجسس المحرم هو السؤال عن عورات الناس لقصد الإطلاع عليها، عن معاوية قال: سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: ((إنك إن اتبعت عورات الناس أفسدتهم أو كدت تفسدهم))([9]) فدخل تحت قولنا عن عورات الناس عورة المسلم والفاسق والمشرك لأن السؤال عن جميع ما ذكر حرام وهو معنى قولنا في تفسير النظم حرام في الكل بخلاف الغيبة فإنها إنما تحرم في المؤمن كما قيدنا به، وخرج بقولنا على قصد الإطلاع عليها ما إذا سئل عن العورات لقصد سترها وإصلاح العالم كسؤال الإمام عن أحوال رعيته وفحصه عن أخبارهم فإن هذا وإن كان سؤال عن العورات لكنه ليس بالتجسس المحجور.

لما روي عنه صلى الله عليه وسلم أنه مر بامرأة حامل على باب فسطاط فسأل عنها فقالوا: هذه أمة لفلان فقال: ألم بها..؟ فقالوا: نعم فقال صلى الله عليه وسلم ((لقد هممت أن ألعنه لعنا يدخل معه قبره كيف يورثه وهو لا يحل له كيف يستخدمه وهو لا يحل له))([10]) وقد سأل صلى الله عليه وسلم أم علقمة عن حال علقمة لما لم ينطق لسانه بالتلفظ بالشهادة عند موته ما نصه: يا أم علقمه أصدقيني وإن كذبتني جاء الوحي من الله تعالى كيف كان حال ولدك علقمه..؟ قالت يا رسول الله كان كثير الصلاة كثير الصوم كثير الصدقة قال رسول الله صلى الله عليه وسلم فما حالك..؟ قالت يا رسول الله: أنا عليه ساخطة قال: لم..؟ قالت يا رسول الله كان يؤثر زوجته ويعصيني الخ والخلفاء الراشدون والأئمة المهتدون كانوا يتفحصون عن أخبار الرعية ويسألون عن أحوالهم السارة والضارة ولم يعد ذلك منهم إلا حزما في المملكة ونظرا في السياسة وكفى ما جرى من مثل هذا النوع لسيدنا عمر رضي الله عنه مع عماله فإنه كثيرا ما يمتحنهم وقد كان يجعل عليهم عيونا ويجعل على العيون عيونا.

Page 267