( قوله في الكتاب) أي القرآن العظيم أي هذا الحكم في الكتاب إلى آخره (وقوله السنن) جمع سنة وهي أقواله وتقريراته عليه الصلاة والسلام وعبر بالجمع مكان المفرد تجوزا على حد: شابت مفارقه وما له إلا مفرق واحد أو تقول جمعها باعتبار أن كل حديث من الأحاديث سنة أو باعتبار تعدد سنن الأنبياء فإنه مما انطبقت على تحريمه سنن الأنبياء إذ لا يجوز لنبي أن يحله.
(وراكب الكبير توبه فان=
أبى إلى الله ببعضه فدن)
(وبعضهم ضلله وتوبا=
ثم استمر أن عن التوب أبى)
(قوله وراكب الكبير توبه الخ) هذا بيان حكم راكب الكبير من الذنوب بالنظر إلى الخلق، أما حكم الكبير على نفسه فيؤخذ من تعريفه الكبائر بأنها ما وجب عليها حد في الدنيا أو عذاب في الآخرة فوجوب الحد في الدنيا ووجوب العذاب في الآخرة حكمان للكبير من الذنوب.
(اعلم) أن لراكب الكبير حكمين أحدهما: بالنظر إلى ما بينه وبين ربه وهو ما أوعده الله به من العذاب في الدارين بالحد والعقوبة، أو بالعذاب في الآخرة إلا إذا تاب من ذنبه.
وثانيهما: بالنظر إلى الخلق وهو البراءة منه والمعاداة له فيجب على كل مكلف علم فسقه أن يبرأ منه ويضلله لكن اختلفت الأئمة في القدوم على البراءة منه قبل الاستتابة فبض ذهب إلى أنه لا يبرأ منه حتى يستتاب فإن تاب قبل منه وإن أبى برئ منه وهو اختيار الإمام رحمه الله تعالى مستدلا عليه بأنه لا يحكم على أحد بشيء إلا بعد الاحتجاج عليه إن أمكن إجماعا واستدل عليه غيره بقوله تعالى لإبليس ((ما منعك أن تسجد إذ أمرتك))([14]) فلم يعاجله بالطرد حتى استخبره، والله عالم بكل شيء وإنما هو تعليم لعباده وإظهار لما في حكمته فيستفاد من الآية ثبوت إقامة الحجة.
Page 253