Mashariq Anwar
مشارق أنوار اليقين في أسرار أمير المؤمنين(ع)
Genres
فقال له الرضا (عليه السلام): إلى حيث وجهتني، ثم خرج (عليه السلام) مغطى الرأس حتى دخل الدار ثم أمر أن تغلق الأبواب، ثم نام على فراشه.
قال: فكنت واقفا في صحن الدار باكيا حزينا إذ دخل إلي شاب حسن الوجه أشبه الناس بالرضا فبادرت إليه وقلت: من أين دخلت والباب مغلوق؟ فقال: الذي جاء بي من المدينة في هذا الوقت هو الذي أدخلني الدار والباب مغلق، فقلت: من أنت؟
فقال (عليه السلام): أنا حجة الله يا أبا الصلت، أنا محمد بن علي، ثم مضى نحو أبيه الرضا (عليه السلام) فدخل، فأمرني بالدخول، فلما نظر إليه الرضا (عليه السلام) نهض إليه ليعتنقه، ثم سجه سجى إلى فراشه وأكب عليه محمد بن علي (عليه السلام) فسر إليه سرا لا أفهمه، ورأيت على شفة الرضا بياضا أشد بياضا من الثلج، ورأيت أبا جعفر (عليه السلام) يلحسه بلسانه ثم أدخل يده بين صدره وثوبه فاستخرج منه شيئا شبه العصفور فابتلعه، ثم مضى الرضا (عليه السلام) فقال لي: يا أبا الصلت ايتني المغسل والماء من الخزانة، فقلت: ما في الخزانة مغسل ولا ماء، فقال: ائتمر بما آمرك به.
قال: فدخلت الخزانة وإذا فيها مغسل وماء فأتيته بها، ثم شمرت ثيابي لأعاونه، فقال:
تنح فإن لي من يساعدني، ثم قال لي: أدخل الخزانة وأخرج السفط الذي فيه كفنه وحنوطه، فدخلت وإذا أنا بسفط لم أره من قبل ذلك فأخرجته إليه وصلى عليه، ثم قال: ائتني بالتابوت، فقلت: أأمضي إلى النجار؟
فقال: إن في الخزانة تابوتا، فدخلت وإذا تابوت لم أر مثله قط، فأخرجته إليه فوضعته فيه بعد أن صلى عليه، تباعد عنه وصلى ركعتين، وإذا بالتابوت قد ارتفع فانشق السقف وغاب التابوت.
فقلت: يا ابن رسول الله الساعة يأتي المأمون ويسألنا عن الرضا فما ذا نقول؟
فقال: اسكت يا أبا الصلت، سيعود، إنه ما من نبي في شرق الأرض يموت ووصيه في غربها إلا جمع الله بين روحيهما.
فما تم الحديث حتى عاد التابوت، فقال: فاستخرج الرضا (عليه السلام) من التابوت ووضعه على فراشه كأنه لم يكفن ولم يغسل، ثم قال: افتح الباب للمأمون، ففتحت الباب، وإذا أنا بالمأمون والغلمان على الباب، فدخل باكيا حزينا قد شق جيبه ولطم رأسه، وهو يقول:
Page 150