Mashariq al-Shumous fi Sharh al-Durus

Ibn Muhammad Khuwansari d. 1099 AH
33

Mashariq al-Shumous fi Sharh al-Durus

مشارق الشموس في شرح الدروس

الحدث مانع من كماله والوضوء لأجل زوال المانع فيلزم ما ذكر بعينه وقس عليه البواقي سوى الأخيرين فإن الاستدلال فيهما نحو آخر وأما الوضوء للتأهب للفرض فأمره ظاهر لأنه في الحقيقة وضوء للصلاة أمر بتقديمه على الوقت استحبابا فلا شك في رفعه وإباحته وأما الوضوء للكون على الطهارة فلما عرفت من أن الطهارة صفة تحصل بعد ارتفاع الحدث فإذا أمر بالوضوء لهذا المعنى فينبغي أن يحصل بعده وهو إنما يحصل برفع الحدث فيلزم ارتفاعه ويلزم ما ذكرنا واعلم أن في جميع ما نقلنا من العموم نظرا أما أولا فبالمنع من وجود حالة في باطن المكلف شبيهة بالنجاسة وهو الحدث لعدم دليل عليه وما ورد في بعض الروايات إنما يحمل على معنى آخر وأما ثانيا فبالمنع من أن متى ارتفع ذلك المعنى يستباح الصلاة ونحوها وأما ثالثا فبالمنع من أن الغرض من الامر بالوضوء في جميع ما أمر له إلا ما استثنى إنما هو ارتفاع الحدث لم لا يجوز أن يكون شيئا آخر كما في الصور المستثناة وأما رابعا فبالمنع من كون الطهارة صفة وراء جواز الاتيان بالصلاة ونحوها صحيحا كاملا كما مر آنفا وفيه بعد لورود الطهارة في الروايات بمعنى آخر كثيرا بحيث لا تقبل المنع وعلى تقدير التسليم لا نسلم توقفه على رفع الحدث إذ يجوز أن يكون للطهارة مراتب أو معان مختلفة يحصل بعضها بدون ارتفاع الحدث كما ورد فيمن اغتسل غسل الجمعة أنه في طهر إلى الجمعة الأخرى مع أنه في بعض الأوقات محدث البتة والحاصل أن ثبوت الحقايق الشرعية لهذه الأمور غير معلوم وعلى تقديره أيضا لم يتيقن عندنا بل يفهم من الروايات إطلاقه في موارد مختلفة فيجوز أن يكون لها معان متعددة أو معنى واحد له مراتب مختلفة بعضها يجامع الحدث وبعضها لا يجامع بل يجوز أن يكون للحدث أيضا مراتب مختلفة وكذا يجوز أن يكون لخصوص الأوقات والساعات دخل في حصول بعض المراتب من الوضوء أو الغسل مثلا يجوز أن يحصل المرتبة التي لا يجامع الحدث من الوضوء في الوقت مثلا دون خارجه أو بقصد الصلاة مثلا دون غيرها فعلى هذا إذا أمر بالوضوء للكون على طهارة قبل الوقت فيجوز أن يكون تلك الطهارة التي تحصل من ذلك الوضوء والطهارة التي يجامع الحدث فلا يكفي في استباحة الصلاة بل لا بد فيه من الوضوء في الوقت ليحصل الطهارة التي لا يجامع الحدث وقس عليه الحال في الوضوء للأشياء المذكورة إذ يجوز أن يكون الغرض من الوضوء حصوله بعض مراتب الطهارة التي لا يكفي في الصلاة فظهر أن القول بامتثال هذه الوجود والدلايل مما لا يسمن ولا يغني من جوع بل لا بد من النظر في الروايات وعمومها وخصوصها وإطلاقها وتقييدها والترجيح على النحو المقرر المعمول فعلى هذا نقول قد ورد الامر العام بالوضوء عند القيام إلى الصلاة من قوله تعالى إذا قمتم إلى الصلاة الآية فلا بد من حمله على ظاهره حتى يثبت المخصص والمخصص في الصورة التي توضأ المكلف قبل الوقت للأمور المذكورة استحبابا غير ثابت لعدم تمام الدليل كما عرفت فيجب الحكم بوجوب الوضوء وكذا الحال في قوله (عليه السلام) إذا دخل الوقت فقد وجب الطهور والصلاة هذا في غير التأهب وأما في التأهب فنقول فيه أن الدليل الذي ذكر سابقا على استحبابه غير تام إذ على تقدير أن يكون الامر بالصلاة في أول الوقت عاما شاملا لأوله الحقيقي يكون معارضا بالعمومين المذكورين وحملهما عليه ليس أولى من العكس بل الامر بالعكس لعدم صراحته في العموم كما لا يخفى والشهرة بين الأصحاب وإن عول عليها في بعض المواضع لكن ليس مما لا يمكن الاعتماد عليه حال معارضتها للكتاب والسنة وبهذا ظهر إيراد آخر على أكثر الموارد المذكورة أيضا إذ ليس فيه مستند ظاهر سوى الشهرة كما عرفت وظهر أيضا حال الوضوء المندوب الذي ذكره القوم في باب الوجوب لنفسه ولغيره لأن الظاهر مما ذكروه أما الوضوء للتأهب أو للكون وقد عرفت حالهما وعلى تقدير كونه فردا أيضا يعلم حاله بالمقايسة فتدبر اللهم إلا أن يمنع عموم الآية والرواية ونقول بوجوب الوضوء في بعض الأوقات مما وقع الاجماع عليه مثلا وما نحن فيه لما لم يكن فيه إجماع ولا دليل آخر فيحكم فيه بأصل البراءة والاستدلال بأن التكليف اليقيني لا بد له من البراءة اليقينية أيضا أجزاؤه ها هنا مشكل لان التكليف اليقيني إنما هو بالصلاة والطهارة خارجة عنها نعم وجوبها لها في بعض الصور ثابت بالاجماع أو نحوه فيحكم بوجوبها فيه وأما في البعض الاخر كما فيما نحن فيه فلا وعموم الاشتراط المستفاد من قوله (عليه السلام) لا صلاة إلا بطهور لا يجدي ها هنا أيضا لتحقق الطهور في فرضنا ولا يتوهم المنافاة بين هذا وبين ما ذكرنا من جواز كون الصلاة موقوفة على مرتبة معينة من الطهارة لاندفاعه بالتأمل واعلم أن بعضهم ادعى الاجماع على أن الوضوء المندوب الذي لا يجامع الحدث الأكبر مثل الوضوء لنوم الجنب مبيح للصلاة الواجبة المشروطة بالطهارة وهذا وإن كان الظاهر من كلام ابن إدريس حيث قال ويجوز أن يؤدى بالطهارة المندوبة والفرض بدليل الاجماع من أصحابنا لكن ذكر في موضع آخر ما يدل ظاهرا عل خلافه قال وإجماعنا منعقد على أنه لا يستباح الصلاة إلا بنية رفع الحدث أو بنية استباحة الصلاة بالطهارة وأما أن توضؤ الانسان بنية دخول المساجد والكون على طهارة والاخذ في الحوائج لان الانسان مستحب له أن يكون في هذه المواضع على طهارة فلا يرتفع حدثه ولا يستبيح بذلك الوضوء الدخول في الصلاة انتهى وحمله على أن المراد منه أن الوضوء الواجب بنية هذه الأمور لا يبيح الصلاة لا الوضوء المندوب لا يجدي نفعا

Page 36