Mashahid Mamalik

Idwar Ilyas d. 1341 AH
107

Mashahid Mamalik

مشاهد الممالك

Genres

أنفقوا على بناء هذا القصر خمسة ملايين فرنك، وكان يختلف عن بقية القصور في إدارة أموره الداخلية؛ لأنه كان ناديا للأميركيين الذين يؤمون باريس مدة المعرض، وقد جعلوه ثلاثة أدوار، في الأول منها مكتب للاستعلام يرأسه شاب أميركي ولد في باريس وهو من الأذكياء، كان يقضي النهار كله في مجاوبة السائلين على كل ما يخطر لهم الاستعلام عنه في دائرة المعرض، وكثيرا ما يسألون عن غيره أيضا، فكنت أرق لحالة هذا الشاب إذ أراه أبدا في إيضاح ومجاوبة لا ينتهي من سائل أو سائلة حتى يبدأ بمجاوبة فرد جديد، وعادة النساء الأوروبيات والأميركيات في الاستعلام واستقصاء الأمور مشهورة، ولا سيما إذا وجدن عاملا مثل هذا عرف المطلوب كله، وقد انقطع لخدمة السائلين، وفي هذا الدور أيضا مكتب للبريد القادم من أميركا بأسماء الذين لم يعرفوا موضع إقامتهم حين قاموا من بلادهم، فأوصوا أن ترسل إليهم الرسائل إلى القصر الأميركي في المعرض، ويليه مكتب آخر تباع فيه طوابع البريد وأدوات الكتابة، تسهيلا للذين يريدون أن يحرروا الكتب والرسائل من ذلك المكان، ووضعوا أيضا صندوقا للرسائل، وأنشئوا غرفة للجرائد الأميركية من كل ولاية، وكانوا يسجلون أسماء القادمين إلى المعرض من أميركا، فيكتبون الاسم ومحل الإقامة ويوم الوصول إلى باريس ويوم ذهابهم منها، والجهة التي ذهبوا إليها والفندق الذين ينوون الإقامة فيه حتى إذا ورد على أحدهم شيء من بلاده بعد أن يبرح باريس يرسلون الشيء إليه في محله الجديد، أو إذا أراد أحد الأصحاب أن يعرف مقر صاحبه عرف ذلك في الحال، وكانوا يعلنون في هذا المكتب أخبار العالم الواردة بالتلغراف، وأسعار البورصة في نيويورك، أما الدور الثاني من هذا القصر فأعدوه لمندوب جمهورية أميركا في المعرض ومن معه من العمال والمساعدين، والدور الثالث خص بالحفلات الراقصة أو الجمعيات الأدبية، ولهذين الدورين آلة رافعة تصعد من الدور الأول، وفي الدور الثاني عمال يأخذون بطاقة كل قادم يريد أن يوصل اسمه إلى المندوب، فكان كل أميركي يدخل هذا القصر في المعرض يشعر أنه في وطنه ومنزله من حسن التدبير.

قصر النمسا:

أنفق على هذا القصر سبعة ملايين فرنك وعرضت فيه مصنوعات بلاد النمسا وبعض ما ميزتها به الطبيعة من المياه المعدنية التي يستفيد منها أهل الأقطار جميعهم، مثل مياه الينابيع المشهورة في مارينباد وكارلسباد وغيرهما، ولها شهرة ذائعة في الأقطار، وقد كانت هذه المياه سبب اشتهار المدن المذكورة ونمائها؛ لأنها قامت بسبب وجودها وتوارد الناس من كل صوب للانتفاع بمائها، وقد أصبحت مثابة الألوف ومعظمهم من الأغنياء والأكابر في كل عام.

قصر المجر:

صرفوا على هذا القصر مليوني فرنك ونصف مليون، وجعلوه خاصا بمملكة المجر وحدها، فلم يضموه إلى معرض النمسا؛ لأن المجر مملكة مستقلة قائمة بنفسها، ولها أحكام وسياسة وقوانين ووزارة ومجلس نواب غير التي في بلاد النمسا، فلا رابطة بين المملكتين فيما سوى أن ملكهما واحد، هو الإمبراطور فرانس يوسف الحالي. والمجر حريصون جدا على إظهار انفصالهم عن النمسا واستقلالهم، فجعلوا هذا القصر خاصا بهم ولا محل لوصف ما كان فيه من المصنوعات المجرية؛ لأننا لم نفسح المجال في هذا الفصل لوصف بقية المصنوعات.

قصر إنكلترا:

أنفق الإنكليز على بناء هذا القصر مليون وثمانمائة ألف فرنك، وأنفقوا كثيرا غير هذا على بناء الأقسام والمعارض للمستعمرات الإنكليزية، مثل كندا وأوستراليا ونيوزيلاند وأفريقيا الجنوبية، وهي أشغلت نحو 7000 متر من أرض المعرض غير الذي أنفقوه أيضا على قصر الهند، وسيأتي ذكره. وقد كان القصر الإنكليزي - مثل كل عمل إنكليزي - جميلا مع قلة الزخارف، وكان الترتيب سائدا على ما فيه وعلى أعماله أيضا حسب المعروف عن هذه الأمة، فإنهم أوقفوا ضابطا على باب القصر يشير إلى الناس بالوقوف والامتناع عن الدخول حتى إذا اجتمع منهم 80 أو 90 أشار إليهم بالدخول؛ إذ يكون الذين سبقوهم - وهم بمثل هذا العدد تقريبا - قد خرجوا من باب آخر، فلا يختلط حابلهم بالنابل من تكاثر الأفراد في قاعات القصر، ولا يحدث اضطراب وقلق للعمال أو للزائرين.

قصر بلجيكا:

بلغ المال الذي أنفق على هذا القصر مليون فرنك، وكان معرضا بديعا لصناعة هذه البلاد الراقية التي سبقت الممالك العظمى في كثير من المصنوعات، ولا سيما الحديدية منها، كالسلاح والآلات الزراعية والمنسوجات وسواها. وتمتاز المصنوعات البلجيكية بمتانتها وجودتها، وقد تقدمت في السنين الأخيرة تقدما عظيما، حتى إنها حلت محل الصناعة الإنكليزية في كثير من أسواق الأرض، واشتهرت الشركات البلجيكية بالهمة والتفنن في إنجاز الأعمال.

قصر السويد:

Unknown page