والبحار تسمد الآن بالنيترات كما تسمد الأرض؛ وذلك كي تجد النباتات الميكروسكوبية الغذاء في هذا السماد فيسرع نموها وتكاثرها ثم تتكاثر عليها الحيوانات الصغيرة ثم الأسماك، ونستطيع نحن أن «نزرع» مليونا أو مليونين من الأفدنة في البحر الاحمر والبحر المتوسط لزيادة السمك، بل الواقع أن في البحر الأحمر من الأسماك ما يمكننا من استخراج عشرين مليون رطل كل يوم منه بلا سماد أو بأقل السماد.
كل هذا الذي ذكرنا هو في مستطاعنا منذ اليوم، نشرع فيه ونسير إلى نهايته بوسائلنا المألوفة، وهو يكفل لنا الغذاء ليس لاثنين وعشرين مليون مصري بل لأربعين أو خمسين مليون مصري بلا حاجة إلى هذه الدعوة الأوروبية الأمريكية بشأن تحديد النسل باعتبار هذا التحديد خطة عامة للشعب وليس ظرفا خاصا لكل فرد عليه أن يقيسه بطاقات المستقبل لأبنائه.
ولكن هناك وسائل أخرى ليس في مستطاعنا الآن ولكنها توشك أن تكون، وذلك بالعلم؛ فإن العلم قد وصل إلى قمة التدمير باختراع القنابل التي تعد كل منها شمسا أو نجما صغيرا يدمر ويحرق ويحيل العناصر إلى غيرها.
وما حققه العلم من التدمير يمكن أن يحققه في التعمير؛ فقد استطاع العلميون أن يخترعوا عناصر جديدة لم تعرفها الأرض في تاريخها منذ خمسة آلاف مليون سنة، وتحطيم الذرة ولحمها كلاهما من الأعمال التي لم تعرفها الحياة على الأرض ؛ فإن قصارى ما استغلته الحياة هو الجزيء وليس الذرة.
والجزيء مؤلف من الذرات وأجسامنا تكسر الجزيء ولكنها لا تستطيع كسر الذرة، ولكن العلميين استطاعوا أن يكسروا الذرة وأن يلحموها.
ونحن الأحياء نحتاج إلى ثلاثة مركبات كي نعيش، وهي: المواد البروتينية مثل اللحم وزلال البيض والجبن، وهذه المواد توجد أيضا بكثرة في الأفوال مثل الفول والعدس واللوبيا والترمس والفول السوداني ... إلخ، ثم نحتاج إلى المواد النشوية والسكرية، ثم نحتاج إلى الزيت أو الشحم.
وأجسامنا تستطيع أن تصنع من المواد البروتينية السكر والنشا أو حتى الزيت أو الشحم.
ولكن العكس لا يحدث، أي إننا لو اقتصرنا على طعام مؤلف من المواد النشوية والسكرية، وأيضا من الشحم، لما استطعنا أن نصنع البروتين وعندئذ نموت.
والسبب هو أن جزيء البروتين أكبر من جزيء النشا أو السكر وأكبر كذلك من جزيء الزيت أو الشحم.
وإذن عقدة العالم الآن هي: كيف نصنع البروتين؟ كيف نصنعه كيماويا بلا حاجة إلى أن نبحث عن اللحم والبيض والجبن ... إلخ؟
Unknown page