140

Masaric Cushshaq

مصارع العشاق

Publisher

دار صادر

Publisher Location

بيروت

فنزل بأرض السراة، وأقام مرة بالحيرة، وكانت عند مرة امرأة من بكر بن وائل، فلبثت معه زمانًا لم يرزق منها ولدًا، حتى يئس من ذلك. ثم أتي في منامه، ليلةً من ذلك، فقيل له: إنك إن باشرت زوجتك من ليلتك هذه رأيت سرورًا وغبطةً، فانتبه، فباشرها فحملت فلم يزل مسرورًا إلى أن تمت أيامها، فولدت له غلامًا، فسماه إياسًا، لنه كان آيسًا منه، فنشأ الغلام منشأً حسنًا. فلما ترعرع ضمه أبوه إليه، وأشركه في أمره، وكان إذا سافر أخرجه معه لقلة صبره عنه، فقال له أبوه يومًا: يا بني، قد كبرت سني، وكنت أرجوك لمثل هذا اليوم، ولي إلى عمك حاجة، فأحب أن تشخص فيها. فقال له إياس: نعم يا أبه، ولي إلى عمك حاجة، فأحب فأنا لحاجتك. فأعلمه الحاجة، فخرج متوجهًا حتى أتى عمه، فعظم سروره به وسأله عن سبب قدومه، وما الحاجة فأخبره بها، ووعده بقضائها، فأقام عند عمه أيامًا، ينتظر فيها قضاء الحاجة. وكان لعمه بنت يقال لها صفوة، ذات جمال وعقل، فبينا هو ذات يوم جالس بفناء دارهم، إذ بدت له صفوة زائرة بعض أخواتها وهي تهادى بين جوار لها، فنظر إليها إياس نظرة أورثت قلبه حسرة، وظل نهاره ساهيًا، وبات وقد اعتكرت عليه الأحزان، ينتظر الصباح، يرجو أن يكون فيه النجاح، فلما بدا له الصبتح خرج في طلبها ينتظر رجوعها، فلم يلبث أن بدت له، فلما نظرت إليه تنكرت ثم مضت فأسرعت، فمر يسعى خلفها، يأمل منها نظرة، فلم يصل إليها، وفاتته فانصرف إلى منزله، وقد تضاعف عليه الحزن واشتد الوجد، فلبث أيامًا، وهو على حاله، إلى أن أعقبه ذلك مرضًا أضناه وأنحل جسمه، وظل صريعًا على الفراش. فلما طال به سقمه وتخوف على نفسه بعث إلى عمه لينظر إليه

1 / 151