حائط المبكى
حائط مبكى اليهود هو السور الغربي للمسجد الأقصى في القدس، يذهب إليه اليهود ذكورا وإناثا في يوم السبت يبكون ضارعين إلى الله أن يعيد اليهود المشتتين في جميع الأنحاء إلى فلسطين؛ لكي تكون لهم دولة وملكا خالصا.
الرهبنة والتقديس الديني
ومما يتصل بالتقديس الديني التقديس النفسي؛ أي تطهير النفس، ويكون هذا عند المسلمين بالزهد والتقشف ومجاهدة النفس رياضيا، والانقطاع للعبادة والتصوف، وعند المسيحيين بالامتناع عن الزواج.
وعلى هذا كانت الرهبنة - وهي اسم من معنى الراهب - فكرة قديمة تعني عند النصارى الامتناع عن الزواج. وقد ورد ذكرها في القرآن الكريم فقال تعالى:
ثم قفينا على آثارهم برسلنا وقفينا بعيسى ابن مريم وآتيناه الإنجيل وجعلنا في قلوب الذين اتبعوه رأفة ورحمة ورهبانية ابتدعوها ما كتبناها عليهم إلا ابتغاء رضوان الله فما رعوها حق رعايتها فآتينا الذين آمنوا منهم أجرهم وكثير منهم فاسقون ، وقال عليه الصلاة والسلام: «لا رهبانية في الإسلام.» وعلى ذلك أصبحت الرهبنة غير موجودة بين المسلمين على نقيض الأمم الأخرى لأسباب لا محل لذكرها هنا، وعند «محمد السعيد» أنها تطلق على الرهبان أنفسهم مجازا. وعند النصارى من يتبتل لله ويعتزل عن الناس إلى بعض الأديرة طلبا للعبادة.
واسم الرهبنة بالإفرنجية معناه رتبة دينية. وتسمى أيضا «مونا كزم» باليونانية، ومعناها معتزل أو منفرد، والمقصود من الرهبنة عند المسيحيين إنما هو الاعتزال عن الدنيا وأمورها العادية لإشغال النفس بالعبادة وبالأشياء الدينية، ولم تنشأ إلا بعد القرن الثالث لما ظهر الإمبراطور الروماني «دنسيوس» واضطهد المسيحيين وحمل بعضهم على الهرب إلى الجبال والمكث بالصوامع، فنشأ من العبادة في الصومعة فكرة الاجتماع للعبادة في دير وفكرة الرهبنة ووقف الروح والعقل والجسد على خدمة الله.
وأول من اعتزل الناس دينيا الأسينيون الإسرائيليون فسمى بعض المؤلفين الأسينيين: الذين يضايقون أنفسهم بالصيام، والذين ينقطعون بضع ساعات نهارا وليلا إلى التضرعات والصلوات، والذين يبذلون أموالهم وأيامهم في سبيل إعالة الفقراء أو عيادة المرضى والاعتناء بهم. وكان الأسينيون من النصارى يسكنون عادة المدن، ويلبسون أثوابا فاحمة اللون خاصة كأثواب الحكماء، وكانوا يقفون وقت الصلاة بين خدم الدين والشعب. والذين يفوقون هؤلاء بالتعبد وبالانقطاع عن الدنيا إلى الله سبحانه وتعالى، ومضايقة الجسد، والاكتفاء باليسير جدا من أسباب المعاش يسمون «بالنسك أو الحبساء». وقد تكاثر هؤلاء جدا في القرن الثالث للميلاد حتى ملئوا البراري الجبلية في آسيا الصغرى وسورية ومصر.
وفي أواخر القرن الثالث ظهرت رهبنات للإناث، وأول دير أو جمعية رهبنة مسيحية هي التي أنشأها «بولس الطيوي» وتلميذه «بخوميوس»، ووضع أساسها الأول في جزيرة «تاينة» التي تبعد قليلا عن أول جنادل النيل إلى الجهة الشمالية، ووضع هذه الجمعية تحت إدارته سنة 340، وانقسم كل دير عدة أقسام كل منها يتعاطى عملا آليا مخصوصا تحت إدارة رئيس ، وكانت العائلة الراهبية 40 أسرة. ولما لجأ «أثناسيوس» إلى الجزيرة المار ذكرها سنة 356م لاقاه «بخوميوس» في جيش من الرهبان يترنمون بالزمور، واقتدى «آمون» ب «بخوميوس» في إنشاء دير على جبل فوق وادي النطرون في تخوم صحراء ليبيا، واجتمع لديه في برهة قصيرة هناك 5 آلاف راهب. ثم أنشأ «مكاريوس» أديرة كثيرة في الصحراء بين جبال النطرون والنيل، وقال بعض المؤرخين: «أصبح في سنة 356 للميلاد في أحد الأديرة عشرة آلاف راهب وخمس عشرة ألف راهبة، وكانوا يصلون ويترنمون ويقرءون التوراة والإنجيل، وينسخون الكتب الدينية، ويشتغلون في الزراعة والصناعة، ويقومون بالإحسان.»
وكانت تلك الأديرة مؤلفة من مدارس كبيرة صناعية. أما أديرة إقليم «طيوه» فكانت كمنازل للسياح في تلك المفاوز، وكان لكل دير منها مكان مخصوص لنزول المسافرين مجانا، كما أنه كان في كل دير من أديرة جزيرة «تابنة» عائلة رهبانية أعضاؤها من العلماء الحاذقين للآداب اليونانية، واقتدى أهل سورية وآسيا الصغرى وسواحل البحر الأسود الجنوبية بأهل مصر وأنشئوا رهبنات.
Unknown page