ثم إن لغة اليهود - كما سنوضحها - كانت ذات لهجة آرامية أقرب إلى العربية. والآرامية تنسب إلى آرام بن سام، وترجع إلى بعض القبائل السامية، التي نزحت طائفة منها إلى أرض كنعان التي عرفت باسم فلسطين منذ القرن الثالث عشر ق.م. كما نزحت طائفة أخرى إلى العراق في القرن العاشر ومنهم الكلدانيون. أما من بقي منهم هناك فقد لبثوا يتكلمون هذه اللغة منذ العصر العباسي، ومنهم أيضا الآشوريون. وثمة طائفة ثالثة أقامت في الشام وقضت على الحيثيين.
جاء اليهود «الآراميون» إلى أرض كنعان «فلسطين»، وتكلموا لغتها الكنعانية، كما كتبوا بها مع تأثر بالآرامية، فاختلفت لغة اليهود التي أطلق عليها عندئذ اسم العبرية عن الكنعانية بعض الاختلاف.
ولعل الكتاب المقدس هو أكبر مصدر عن اليهود تاريخا وأدبا عبريا، والكتاب المقدس يشتعب العهد القديم «التوراة» والعهد الجديد «الإنجيل»، وهو كتاب دين وتاريخ وأدب. فأما التوراة فهي أساس الديانة اليهودية والأدب اليهودي، وهي - إلى هذا - أساس الديانة المسيحية؛ ذلك أنه بينما يؤمن المسيحيون بالتوراة وبالإنجيل، يؤمن اليهود بالتوراة والتلمود.
التوراة
التوراة كلمة عبرانية معناها: الشريعة، أو الناموس، وهي تطلق عند اليهود على خمسة أسفار «كتب» يقولون إن موسى كتبها. وهي سفر التكوين - بدء الخلق - وسفر الخروج، وسفر اللاويين، وسفر العدد، وسفر تثنية الاشتراع كما سنوضحه بعد.
ويطلق «النصارى» لفظ التوراة على جميع الكتب التي يسمونها العهد العتيق؛ وهي كتب الأنبياء، وتاريخ قضاة بني إسرائيل وملوكهم قبل المسيح، ومنها ما لا يعرفون كاتبه. أما التوراة، في عرف القرآن، فهي ما نزل من الوحي على موسى ليبلغه قومه. وعند مؤرخي العرب وغيرهم أنه قد فسد بنو إسرائيل بعد موسى، وأضاعوا التوراة التي كتبها، ثم كتبوا غيرها، ثم إن «عزرا» الكاهن، وهو الموصوف في التوراة المكتوبة الآن بأنه هيأ قلبه لطلب شريعة الرب، والعمل بها، وليعلم إسرائيل فريضة وقضاء - عزرا هذا كتب لهم التوراة، بأمر «أرثحشستا» - ملك فارس - الذي كان قد أذن لهم في العودة إلى فلسطين.
وعلى هذا يذهب هؤلاء المؤرخون إلى أن جميع أسفار التوراة التي عند اليهود والنصارى قد كتبت بعد السبي في 537 قبل الميلاد، ويدل على ذلك كثرة الألفاظ البابلية فيها. وإنما جاءتهم البابلية أثناء إقصائهم عن وطنهم، وسبيهم في بابل.
هذا؛ وقد اعترف علماء اللاهوت من النصارى بفقد توراة موسى التي هي أصل دينهم وأساسه.
قال صاحب «خلاصة الأدلة السنية، على صدق أصول الديانة المسيحية»: «والأمر مستحيل أن تبقى نسخة موسى الأصلية في الوجود إلى الآن، ولا نعلم ماذا كان من أمرها، والمرجح أنها فقدت مع «التابوت» لما ضرب بختنصر الهيكل، وسبى بني إسرائيل، وأن عزرا الكاتب الذي كان نبيا بعد موسى جمع النسخ المتفرقة وكتبها.»
أما اليهود فيقولون: إن عزرا كتب ما كتب بالإلهام.
Unknown page