أختيار الأدلة الصحيحة، والتنبيه على صحة الحديث وسقمه.
وقد ترك ثروة علمية عظيمة في شرح أصول الإسلام ومقاصده، والرد على أهل الزيغ والإلحاد.
وكان سر نجاح دعوته -بعد توفيق الله ﷿ وتأييده- إخلاصه ومعرفته التامة بالحديث وعلومه وآثار السلف، وبمناهج المحدثين، والاعتماد على فقههم وبصيرتهم، ولعل هذا هو السر في بقاء علومه، ودعوته ومنهجه، على الرغم من المحاولة المستمرة للقضاء على مؤلفاته، ومؤلفات أصحابه، إذ من النادر رواج المؤلفات التي تؤلف في أبواب الردود والمناقشات، وفي المسائل الفقهية المتنوعة، إلا أن مؤلفات شيخ الإسلام كانت مدعمة بالأدلة النقلية والعقلية التي تُلْفِت أنظار أهل العلم، وتحثهم على الاحتفاظ بها، والاستفادة منها على مر الدهور وفي أحلك الظروف.
ومما يجب التنويه والإشادة بذكره أن شيخ الإسلام ابن تيمية مع نبوغه في العلوم والفنون، وتفوقه على معاصريه كان أشد الناس مراعاة لآداب الإسلام وأخلاقه القيمة في معاملته معهم، وكان من أدق الناس في نقل أفكار منافسيه، وأحرصهم على الإنصاف مع خصومه في أثناء التأليف والمناظرة، وإعطاء كل ذي حق حقه.
وما انتقم من أحد بل عفا عن أعدائه عند المقدرة، وقد حاولوا النيل منه مرارًا بل القضاء على حياته، ولكن حينما تمكن منهم عفا عنهم! وقال: رد أما أنا فهم في حل من حقي ومن جهتي" وكان القاضي زين العابدين بن مخلوف قاضي المالكية يقول بعد ذلك: "ما
1 / 18