كان برهان نظام الملك شاه في السابعة حين تولى عرش أحمد ناجار التي أصبحت إحدى ممالك الدكن في 1490 تحت حكم أحمد نظام الملك ابن برهمي فيجاياناجار، وكان محمد خان الدكني وزيرا قديرا لهذا الملك الصبي برهان، الذي رخص للبرتغاليين في بناء مصنع في شول، وبعد ست سنوات حالفهم ضد مملكة جوجيرات التي دمر أسطولها برمته. هذا ولم تصبح أحمد أناجار جزءا من مملكة المغول إلا منذ 1637 في عهد شاه جاهان، وفي 1574 ضمت أحمد أناجار إليها بيرار.
هذا وقد كانت هناك، إلى ممالك الدكن، دول مستقلة تمتد في وسط الهند من الشرق إلى الغرب كدولة أوريسا على البنغال، وكانت تابعة لفيروز تقلق منذ 1360 وتدفع الجزية إلى دلهي. وفي 1435 جلس على العرش كابيليسفاراديفا، مادا ملكه جنوبا على الشاطيء مهددا فيجاياناجار إلى أن استطاع ملكها كريشنا في 1516 استرداد ما فقد من أرضها في عهد من سبقوه، فأصبح نهر كريستنا حدا للمملكتين. أما أوريسا فقد فقدت استقلالها في 1592 حين استولى عليها «أكبر».
هذا وقد كانت قبائل الجوند تسكن منطقة الغابات التي بين أوريسا وبيرار، وعرفت باسم «جوندوانا» مقسمة أربع ممالك. وقد استطاع حاكم كارا «آصف خان»؛ الذي عينه «أكبر» أن يستولي عليها. وكانت ملوا في آخر جنوب أملاك هارشا، وكان يحكمها في النصف الأول من القرن الحادي عشر ملك يسمى بهو جاپارامارا. وفي 1234 غزاها الطتمش ونهب أوجين مدمرا معبد ماهاكالي الهندوسي إلى أن أتم «عين الملك» ضمها إلى مملكة علاء الدين. ثم إن دولار خان الغوري الحاكم الأفغاني على ملوا استقل عن حكومة دلهي على إثر تهديد تيمورلنك للحكومة المركزية، وقد دام حكم أسرتي الغوري والخالجي للملكة نحو 130 سنة إلى أن كانت سنة 1530 فوسع بهادور أن يهزم محمد الثاني آخر ملوك أسرة الخالجي مستوليا على ملوا. ويقول كتاب تاريخ الهند، طبعة كامبردج ص167-622 المجلد الثالث: إن هوشانج شاه الغوري ومحمود الأول الخالجي قد أقاما المسجد الكبير والقاعة العظيمة بما لها من الأسوار الممتدة 25 ميلا مع ما يتصل بها من الأضرحة والمقابر الفخمة.
أما جوجيرات فقد عرفت بأنها مملكة إسلامية منذ عهد ظفر خان «مظفر الأول» ابن أحد الرجابيط الذين دانو بالإسلام، حين أوفد محمد تقلق لقمع فتنة ظهرت في إقليم جوجيرات في 1391، وبعد أن وفق في هذه المهمة نادى بنفسه ملكا على هذا الإقليم، وبعدئذ شهد نهضة في عهد حفيد مظفر خان «أحمد شاه» في 1411-1442 الذي كان هماما قديرا. ومن آثاره بناء أحمد آباد التي لا تزال إلى اليوم أهم مدن جوجيرات، وكان أعظم ملوك الأسرة محمود الأول البيجار، والبيجار تتألف من كلمتين: بي ومعناها اثنان، وجار ومعناها قلعة أو حصن، وذلك لاستيلائه على قلعتي جيرنار وشاميانير «راجع 316 من الجزء الثالث من تاريخ الهند طبعة كامبردج». هذا وقد تجلت شجاعة «محمود» وحزمه منذ الثالثة عشرة، حين قمع مؤامرة واجهته على أثر جلوسه على العرش في تلك السنة، إلى أن قام بحملاته على الكوتش والكاتيوار، وفتح مملكة شامبانير الهندوسية، وكان مهيب الطلعة، طويل القامة، كث اللحية، مستقيما، ليس للملذات سلطان عليه.
وكان لمملكة الجوجيرات الإسلامية بحرية وثغور صالحة، وحين واجهت المملكة تحرش البرتغاليين إلى أن استطاع «الميدا» أن يدمر أسطول الممالك الإسلامية الهندية المتحالفة في 1509، عقد محمود الصلح مع البرتغاليين، ولما مات في 1511 خلفه مظفر الثاني، الذي مات في 7 أبريل 1526؛ أي قبل اليوم الثالث عشر الذي استطاعت فيه بابار أن تفوز في معركة بانيباث، على حين أنه كان يسع أسطوله أن يرد البرتغاليين عن ثغر ديو لو لم يكن قد بعث به إلى محمود الثاني ملك لموا حين استولى الموظفون الرجبوتيون على الحكومة، وقد دمرت ماندو في 1518، وذبح من بقي من سكانها الرجابيط وكان عددهم 19 ألفا. وعلى أثر وفاة «مظفر» انقسم الأشراف ثلاثا: قسم كان يؤيد إسكندر الابن الأكبر له، والثاني يؤازر باهادار، والثالث ينصر لطيف خان. أما إسكندر فقد كان ضعيفا عاجزا سرعان ما اغتيل، وعلى أثر هذا نودي بالطفل «محمود» مظفر ملكا في 12 أبريل 1526، غير أن باهادار سرعان ما عاد من پانيبات إلى جوجيرات مناديا بنفسه ملكا في 11 يوليو ثم قتل أخاه «محمود» سرا، قامعا ثورة لطيف خان الذي ادعى الملك ثم قتل، فأصبح باهادار ملكا غير منازع، وقد اتسع ملكه فضم إليه مالوا في 1531، وفي 1534 اقتحم بلاد راجبوت شيتور فانتحر وذبح الألوف من سكانها.
وفي 1530 خلف «همايون» بابار في دلهي، وقد لبثت العلاقات بين المملكتين الإسلاميتين بعض الوقت، إلى أن غزاها همايون في 1535 ففر باهادار في سفينة في ديو إلى أن استعاد باهادار ملكه بعد ثورة في البنغال ضد همايون، وفي 1534 نزل باهادار عن جزيرة باسين إلى البرتغاليين، كما أنه عرض عليهم مكانا لإقامة مصنع مقابل 500 جندي برتغالي يدخلون خدمته، ثم إن باهادار قد عمد إلى مفاوضة الوالي البرتغالي «نينو داكانها» لكي ينسحب البرتغاليون من ديو، بينما كان باهادار ذاهبا في سفينة إلى زيارة الوالي البرتغالي أغرق في ثغر ديو في 13 فبراير 1537، وكان من أثر هذا أن سادت مملكة جوجيرات القلاقل إلى أن استطاع «أكبر» الاستيلاء عليها في 1572 في عهد مظفر شاه الثالث.
هذا ولا تزال المباني الإسلامية في جوجيرات بارزة الأثر كما في المسجد الكبير في أحمد آباد الذي قال عنه سير جون مارشال في ص608-616 من الجزء الثالث، الفصل 23 من «تاريخ الهند، طبعة كامبردج»: إن هذا المسجد هو من أعظم ما بني من أمثاله من ناحية إثارته الإعجاب والافتنان، كما أن محمود بيرجارها أنشأ ثلاث مدن جديدة جاعلا عاصمته أحمد آباد غنية بالمباني الفخمة.
أما مملكة خانديش الصغيرة في وادي تايتي فإن أهميتها ترجع إلى قوة حصنها عسبربارة. وقد ظفرت باستقلالها منذ استطاع مالك أحمد خان مقاومة قوة البهماني في الدكن حول 1380، مؤسسا الأسرة الفاروقية، هذا واسم خانديش مقتبس من «خان» وهو اسم للحاكم أو الملك، وكانت عاصمة خانديش بار هانبور، التي كانت تابعة إلى جارتها جوجيرات إلى أن استولى «أكبر» على عسير جاره في 1601.
أما الفيجاياناجار فكانت مملكة هندوسية جنوبي هذه الممالك شاغلة الحد الأسفل لشبه الجزيرة منذ عهد هارشا منذ منتصف القرن الرابع ولأكثر من قرنين.
كان محمد تقلق خطرا على الديانة والحضارة الهندوسيتين في الجنوب إلى أن انتهى ذلك بالثورة التي قامت في مادورا في 1334، فكان غياث الدين الدمجاني أو دمجان شاه الذي كان جنديا في جيش دلهي، هو ثالث ملك شق طريقه إلى عرش مادورا مستمرا في حربه ضد الملك فيراباللالا الثالث، إلى أن هزم هذا في تريشينوبولي في 1342، وأخذ في سن الثمانين أسيرا وشنق، كما يبدو أن ابنه قد مات في المعركة، غير أن أبناءه؛ أي الإخوة الخمس أبناء سانجاما في أناجاندي الذين كانوا جنودا في جيش على الحدود الهندوسية الشمالية، قد نهضوا لاسترداد استقلال مملكتهم بإيحاء فيديارانا البرهمي فأسست مملكة الفيجاياناجار.
Unknown page