الكنائس القديمة في بر مصر وحكمها:
وقد كان في بر مصر كنائس قديمة، لكن تلك الكنائس أقرهم المسلمون عليها حين فتحوا البلاد؛ لأن الفلاحين كلهم كانوا نصارى، ولم يكونوا مسلمين، وإنما كان المسلمون الجندَ خاصة، فأقرهم كما أقر النبي ﷺ اليهود على خيبر (١) لما فتحها؛ لأن اليهود كانوا فلاحين، وكان المسلمون مشتغلين بالجهاد. ثم إنه بعد هذا في خلافة عمر بن الخطاب ﵁ لما كثر المسلمون واستغنوا عن اليهود، أجلاهم أمير المؤمنين عن خيبر، كما أقر بذلك النبي ﷺ حيث قال: "أخرجوا اليهود والنصارى من جزيرة العرب" (٢)، حتى لم يبق في خيبر يهودي. وهكذا القرية التي يكون أهلها نصارى وليس عندهم مسلمون، ولا مسجدٌ للمسلمين، فإذا أقرهم المسلمون على كنائسهم التي فيها، جاز ذلك، كما فعله المسلمون.
_________
(١) خيبر مدينة في شمال غرب المملكة العربية السعودية، وشمال مدينة الرسول ﷺ بينها مسافة ثلاثمائة كيلًا، ويصلها طريق معبد، كان فيها اليهود قديمًا حتى فتحها الرسول ﷺ ثم أخرجهم منها عمر الفاروق ﵁.
(٢) أخرجه الإمام أحمد بأسانيد: حدثنا يحيى بن سعيد، حدثنا أبو أحمد الزيدي كلاهما ثنا إبراهيم بن ميمون عن سعد سمرة عن سمرة بن جندب عن أبي عبيدة عامر بن الجراح ﵁ أنه قال: آخر ما تكلم به النبي ﷺ: أخرجوا يهود أهل الحجاز، وأهل نجران من جزيرة العرب، واعلموا أن شرار الناس الذين اتخذوا قبور أنبيائهم مساجد. وثنا وكيع به لكنه عن إسحاق بن سعد بن سمرة، وقال في مجمع الزوائد ٥/٣٢٨: رواه أحمد بإسنادين ورجال طريقين منها ثقات متصل إسنادهما ورواه أبو يعلى، وكل الأسانيد الثلاثة صحيحة، إسناد وكيع فيه وهم والصواب أنه عن سعد بن سمرة وليس عن ابنه إسحاق، وانظر العلل للدارقطني ٤/٤٣٩ وما بعدها، ورواه الطيالسي في المسند ٢٢٩ والدارمي في سننه رقم ٢٤٩٨، والحميدي في المسند رقم ٨٥، وابن أبي عاصم في الآحاد والمثاني رقم ٢٣٥ و٢٣٦ وأبو نعيم في الحلية ٨/٣٧٢ وفي معرفة الصحابة رقم ٥٩٦، والبيهقي في الكبرى ٩/٢٠٨. والطحاوي في شرح المشكل ٤/١٢، وهو بمعنى الحديث الذي ذكره الشيخ تمامًا. وروى الحديث الإمام مسلم في كتاب الجهاد - باب إخراج اليهود والنصارى من جزيرة العرب رقم ١٧٦٧ عن جابر عن عمر بن الخطاب ﵄ مرفوعًا بلفظ (لأخرجن اليهود والنصارى من جزيرة العرب حتى لا أدع مسلمًا) . =
1 / 118