طالبا في ذلك رضى الله وجزيل ثوابه، والحمد لله رب العالمين-:
الجواب وبالله التوفيق: لا ريب أن الذي أجاب به هذا المجيب باطل من وجوه:
أحدها: أن لفظة الاستظهار بأرواح الأموات إنما أراد بها التعلق بالأموات، والالتجاء والرغبة إليهم، لكنه قصد أن يزخرف العبارة إضلالا للعوام والجهال، فكم تحت هذه اللفظة من شرك، ومحادة لدين الله، ولإخلاص العبادة له وحده لا شريك له.
وقد قال -تعالى-: ﴿فَادْعُوا اللَّهَ مُخْلِصِينَ لَهُ الدِّينَ وَلَوْ كَرِهَ الْكَافِرُونَ﴾ ١، وقال -تعالى-: ﴿وَمَا أُمِرُوا إِلَّا لِيَعْبُدُوا اللَّهَ مُخْلِصِينَ لَهُ الدِّينَ﴾ ٢ الآية، وقال: ﴿إِنَّا أَنْزَلْنَا إِلَيْكَ الْكِتَابَ بِالْحَقِّ فَاعْبُدِ اللَّهَ مُخْلِصًا لَهُ الدِّينَ أَلا لِلَّهِ الدِّينُ الْخَالِصُ﴾ ٣.
وقال -تعالى-: ﴿فَأَقِمْ وَجْهَكَ لِلدِّينِ حَنِيفًا فِطْرَتَ اللَّهِ الَّتِي فَطَرَ النَّاسَ عَلَيْهَا﴾ ٤ الآية.
[حقيقة إخلاص الدين لله]
وإقامة الوجه هو إخلاص الدين له، وإفراده بجميع أنواع العبادة، كما ذكره المفسرون، والحنيف: المقبل على الله، المعرض عن كل ما سواه.
وهذا الذي ذكره هؤلاء المخرفون عن التوحيد لا ريب أن الله -تعالى- لم يشرعه ولا رسوله، بل نهى عنه أشد النهي كما سنذكره إن شاء الله -تعالى-.
فقد أكمل الله لنا ديننا، وأتم علينا نعمته، وبين رسوله ﷺ ما شرعه الله من دينه أتم بيان، قال الله -تعالى-: ﴿الْيَوْمَ أَكْمَلْتُ لَكُمْ دِينَكُمْ وَأَتْمَمْتُ عَلَيْكُمْ نِعْمَتِي وَرَضِيتُ لَكُمُ الأِسْلامَ دِينًا﴾ ٥.
وقد بين تعالى أصل دين الإسلام، وأساسه الذي تبنى عليه الأعمال وتصح به، كما قال -تعالى-: ﴿بَلَى مَنْ أَسْلَمَ وَجْهَهُ لِلَّهِ وَهُوَ مُحْسِنٌ فَلَهُ أَجْرُهُ عِنْدَ رَبِّهِ وَلا خَوْفٌ عَلَيْهِمْ وَلا هُمْ يَحْزَنُونَ﴾ ٦.
وما لم يشرعه الله فليس من دين الإسلام، كما في حديث عائشة الذي في الصحيحين:"من أحدث في أمرنا هذا ما ليس منه فهو رد" ٧.
وفي الصحيح عن النبي ﷺ أنه قال:"وإياكم ومحدثات الأمور! فإن كل محدثة بدعة، وكل بدعة ضلالة" ٨.
وقد بين ﷺ ما شرعه في زيارة القبور، فثبت عنه ﷺ أنه قال:"كنت نهيتكم عن زيارة القبور، فزوروها؛ فإنها تذكركم الآخرة" ٩. وقد
_________
١ سورة غافر آية: ١٤.
٢ سورة البينة آية: ٥.
٣ سورة الزمر آية: ٢، ٣.
٤ سورة الروم آية: ٣٠.
٥ سورة المائدة آية: ٣.
٦ سورة البقرة آية: ١١٢.
٧ البخاري: الصلح ٢٦٩٧، ومسلم: الأقضية ١٧١٨، وأبو داود: السنة ٤٦٠٦، وابن ماجه: المقدمة ١٤، وأحمد ٦/٧٣،٦/١٤٦،٦/١٨٠،٦/٢٤٠،٦/٢٥٦،٦/٢٧٠.
٨ أبو داود: السنة ٤٦٠٧، والدارمي: المقدمة ٩٥.
٩ ابن ماجه: ما جاء في الجنائز ١٥٧١، وأحمد ١/٤٥٢.
1 / 384