311

Al-masāʾil waʾl-ajwiba li-Ibn Qutayba

المسائل والأجوبة لابن قتيبة

Investigator

مروان العطية - محسن خرابة

Publisher

دار ابن كثير للطباعة والنشر والتوزيع

Edition Number

الأولى

Publication Year

١٤١٠ هـ - ١٩٩٠ م

Genres

١٢٢ - سأَلَني سائلٌ عن قولِ رسولِ اللهِ ﷺ: "ما أظلّتِ الخضراءُ وَلَا أَقَلَّتِ الغَبْرَاءُ أصْدَقَ لَهْجَةً من أَبِي ذَرٍّ" (١) وقال: هل يَجوز أن يكون أَصْدَقَ من الأنبياءِ ومِنْ أَبِي بكرٍ وعمرَ وعثمانَ وعليٍّ؟ .
• والذي عندي أنّ هذا الكلامَ لا يُوجِبُ ما ذهبتَ إليه من تقديمِهِ في الصِّدْقِ على الأنبياء، وعلى أَبِي بكرٍ وعثمانَ وعليٍّ وأشباهِهِمْ؛ لأنّه قَالَ: لم تُقِلَّ الغبراءُ أَصْدَقَ منه فهو ثناء في هذه الفضيلةِ. وأبو بكرٍ وعمرُ وأمثالُهُ مِثْلُهُ، وفي دَرَجَتِهِ وهو مِثْلُ قولِكَ: ليس في العالم أشجعُ من فلانٍ، وفيه من الشجعانِ من هو في درجتِه، وإنَّما كان يجب ما ذهبت إليه لو قَالَ: أَبُو ذر أصْدَقُ من أَظَلَّتِ الخضراءُ أو أَقَلَّتِ الغبراءُ. وأمّا قولُهُ: ما على الأرض أصدقُ منه فإنّه نفى أن يكونَ على الأرضِ مِثْلُهُ فَوْقَهُ في الصّدْق، ولم ينفِ أن يكونَ عليها مِثْلُهُ، فتدبَّرْ هذا، وتَفَهَّمْهُ.

(١) رواه الترمذي رقم ٣٨٠٣ و٣٨٠٤ في المناقب، باب مناقب أَبِي ذر الغفاري "رضي"، ورواه أيضًا الترمذي رقم ٣٧٩٣ و٣٧٩٤ في المناقب، باب مناقب أهل بيت النَّبِيّ ﷺ، وباب مناقب معاذ وزيد وأُبي بن كعب وَأَبِي عبيدة، وقال الترمذي: هذا حَدِيث حسن صحيح، وهو كما قَالَ.
وفي اللسان (غبر): "والغبراء الأرض في قولِه ﷺ: ما أظلت الخضراء وَلَا أقلّت الغبراء ذا لهجة أصدق من أَبِي ذرّ. قَالَ ابن الأثير: الخضراء السماء والغبراء الأرض أراد أَنَّهُ متناهٍ في الصدق إِلَى الغاية فجاء به على اتساع الكلام والمجاز".

1 / 313