إِبْرَاهِيمَ حَرَّمَ مَكَّةَ"، وقد ثبت بالآثار الصحاح عن النبيّ ﷺ: "أَنَّ اللهَ حَرَّمَهَا وَلَمْ يُحَرِّمْهَا النَّاسُ، وَإِنَّهَا بَلَدٌ حَرَامٌ حَرَّمَهُ اللهُ يَوْمَ خَلَقَ السَّمَوَاتِ وَاْلأَرْضَ" (١)، وهذا مشهور صحيح عند أهل الأثر وجماعة أهل السِّير، فلا وجه لمِا خالفه من الرواية على أنّها ليست بالقوية، ولو صحّت لكان معناها ما ذكرنا، والله أعلم.
وفي قوله ﷺ: "إِنَّ مَكَّةَ حَرَّمَهَا اللهُ وَلَمْ يُحَرِّمْهَا النَّاسُ"، تعظيمٌ منه لحُرمتها، وفيه - والله أعلم - دليل على أنّ ما حَرّم الله في كتابه نصًّا متلوًّا أو خبرًا عن الله صحيحًا كان أقوى من تحريم الأنبياء ﵈ المأمور بطاعتهم والاقتداء بهم، وهذا موضع اختَلَف فيه العلماء قديمًا وحديثًا، فقوم ذهبوا إلى هذا، وهو مذهب أصحابنا المالكيين، وقوم ذهبوا إلى أنّ ما حرّم الرسول وحرّم الله سواء، ولكلّ واحد من الفريقين حُجَج يطول ذكرها (٢)،