لكن التوبة من الاعتقاد الذي كثر ملازمة صاحبه له يحتاج إلى ما يقابله من المعرفة والعلم والأدلة. ومما يناسب هذا قوله: ﴿لا يَزَالُ بُنْيَانُهُمُ الَّذِي بَنَوْا رِيبَةً﴾ ١ الآية وقوله: ﴿وَاللَّهُ عَلِيمٌ حَكِيمٌ﴾ ٢ يدل على أنه سبحانه يعلم من القلوب ما يناسب هذا، وهو حكيم في حكمه أنه لا يزال بنيانهم. إلخ، والذنوب لا بد فيها من توبة أو تعذيب ولو بنقص الحسنات. وكثير من الذنوب يحتاج صاحبها إلى معالجة قلبه ومجاهدة نفسه كحال الثلاثة الذين خلفوا، فكيف غيرهم؟
(٨٦) قال ﵀ هذا تفسير آيات أشكلت حتى لا توجد في طائفة من كتب التفسير إلا ما هو خطأ:
منها قوله تعالى ﴿وَمَا يُشْعِرُكُمْ أَنَّهَا إِذَا جَاءَتْ لا يُؤْمِنُونَ﴾ والآية بعدها: أشكلت قراءة الفتح على كثير بسبب أنهم ظنوا أن الآية بعدها جملة مبتدأة، وليس كذلك، لكنها داخلة في خبر أن، والمعنى: إذا كنتم لا تشعرون أنها إذا جاءت لا يؤمنون، وأنا نفعل بهم هذا، لم يكن قسمهم صدقا، بل قد يكون كذبا. وهو ظاهر الكلام المعروف أنها أن المصدرية، ولو كان "ونقلب" إلخ كلام مبتدأ ألزم أن كل من جاءته آية قلب فؤاده، وليس كذلك، بل قد يؤمن كثير منهم.
ومنها قوله: ﴿وَعَبَدَ الطَّاغُوتَ﴾ الصواب عطفه على قوله ﴿من لعنه الله﴾ فعل ماض معطوف على ما قبله من الأفعال الماضية، لكن المتقدمة الفاعل الله مظهرا ومضمرا، وهذا الفاعل اسم " من عبد الطاغوت " وهو
_________
١ سورة التوبة آية: ١١٠.
٢ سورة النساء آية: ٢٦.
1 / 63