الإيمان بالوعد والوعيد، وهي نتيجة الإيمان بالأمر والنهي، بل نتيجة الجزاء في الدارين. وقد غلط فيها من غلط، أخفهم من غلطكم في الأصل الأول، فأنكر أن الميت يعذب ببكاء الحي لتوهّمهم أن الميتيجمل أوزار النائحة، وليس كذلك، بل يصل إليه ألم بنياحتها، كما يعذب الإنسان بالرائحة المؤذية والأمور المفزعة، والحكم فيه كسائر ما يعذب به بعد الموت، مثل مسألة منكر ونكير، وأعظمهم غلط من غلط في الثالث، فأحبط حسانته بالكبيرة الواحدة، وأوسطهم من غلط في الأوسط، فظنوا أنه لا ينتفع إلا بسعيه، ومعلوم أنه ينتفع بالصلاة عليه والدعاء له وغير ذلك، وليس مناقضا للآية ولا مخصصا، وهو شامل لنا، وإلا لم يكن في قوله ﴿أم لم ينبأ﴾ . إلخ. فائدة، وأيضا فإنه خبر، والأخبار لا تنسخ.
وقال ابن عباس في الآية، وفي رواية الوالبي: فأدخل الله الأبناء بصلاح الآباء الجنة، ولم يذكر نسخا، ولو ذكره فمراده نسخ ما يلقي الشيطان في معنى الآية على غير الصواب، فبين أنه لم يرد أن الإنسان لا ينتفع بعمل غيره، وهذا أحسن ما قيل فيها، وسائر الأقوال ضعيفة جدا، والله سبحانه يرحم العباد بغير سعيهم أكثر مما يرحمهم بسعيهم.
(٨٥) قوله تعالى ﴿فَلَوْلا كَانَتْ قَرْيَةٌ آمَنَتْ﴾ الآية:
لولا: هلا; هذا قول أئمة العربية، وعن ابن عباس لم يكن; فذكر أنه لم يكن قرية آمنت فنفعها إيمانها إلا قوم يونس، وهذا حق. وقتادة ظن أن المعنى أنه نفعهم دون غيرهم، وليس كذلك، بل غيرهم لم يؤمن إيمانا ينفع، وهؤلاء آمنوا إيمانا ينفع، والاستثناء حجة لنا، لأنه منقطع، ولو اتصل
1 / 59