وأمته المؤمنين كما أعانوا المشركين من الترك على ما فعلوه ببغداد وغيرها بأهل البيت من ولد العباس وغيرهم، فعارضهم قوم إما من النواصب المتعصبين على الحسين، وإما من الجهال الذين قابلوا الفاسد بالفاسد، فوضعوا آثارا في توسيع النفقة على العيال وغير ذلك، وإن كان أولئك أشر قصدا، وأعظم جهلا وأظهر ظلما، لكن الله يأمر بالعدل والإحسان.
(٢٨) المطالبة في الآخرة لصاحب المال المغصوب منه
لا لورثته، كما في الصحيح "من كان عنده لأخيه مظلمة في دم أو مال أو عرض فللورثة يخلفونه في الدنيا، فما أمكن استيفاؤه في الدنيا فالورثة، وما لم يمكن فليتحلله منه" إلخ، فبين أن المطالبة للمظلوم نفسه ولم يجعلها لورثته، فالطلب للمظلوم نفسه.
(٢٩) ثبوت الشيء في العلم والتقدير ليس هو ثبوت عينه في الخارج،
بل العالم يعلم الشيء ويكتبه ويتكلم به وليس لذاته في الخارج وجود، وهذا هو تقدير الله السابق لخلقه المذكور في حديث عبد الله بن عمرو عند مسلم، وغير ذلك، وهو معنى قوله "كنت نبيا وآدم بين الروح والجسد" ١ أي: كنت نبيا حينئذ. وهذا والله أعلم لأن هذه الحال فيها يقع التقدير الذي يكون بأيدي ملائكة الخلق قبل نفخ الروح، كما في حديث ابن مسعود. فلما أخبر أن الملك يكتب رزقه وأجله وعمله وشقي أو سعيد حينئذ، وآدم هو أبو البشر، كان من المناسب أن يكتب بعد خلق جسده ما يكون منه ومحمد سيد ولده. وقد جاء هذا المعنى مفسرا في حديث العرباض: "إني عند الله مكتوب خاتم النبيين وإن آدم لمنجدل في طينته، وسأخبركم بأول أمري دعوة إبراهيم
_________
١ الترمذي: المناقب (٣٦٠٩) .
1 / 25