وقد تكون اللحية للرجال ولا تكون للنساء والصبيان والخصيان لهذة العلة، لأن قامة الصبيان الرطوبة غالبة عليها كالذى ذكرنا وحرارتهم ليست حريفة حادة، وكذلك أيضا أبدان النساء وأبدان الخصيان ملائمة بعضها بعضا وإن قد تختلف بالكثرة والقلة. فإذا سخن البدن وعمل فى الرطوبة التى فى البدن ارتفع البخار إلى الجنبين فنبت الشعر. ولذا النساء والخصيان قد عدموا اللحية. وإذا قلت الحرارة لم تكن أن تثور فى جميع المواضع. وقد تثور فى النساء عند العانة لحرارة الحيضة واجتماعها لاجتماع الدم فى ذلك الموضع. فإذا اجتمعت الحرارة فى ذلك الموضع لاجتماع دم الحيضة، أنبت الشعر فى العانة. والخصيان عدموا ذلك لأن الحرارة لا تجتمع بهم فى هذا الموضع كاجتماعها فى النساء عند وقت الحيضة. وقد تظهر السبلة أولا لكثرة بخاره وقد يظهر الصدغ لسخافة موضعه ورطوبته. فكلما انتشرت الحرارة أنبتت الشعر حتى تتم اللحية.
وأما أصوات الرجال فإنها صارت جهيرة وأصوات النساء والخصيان رقيقة — فنقول إن ذلك لخصلتين: الأولى أن الحرارة لما غلبت على المزاج وسعت الحنجرة، ولأن الحرارة غلبت على مزاج الرجال احتاجوا إلى إدخال الهواء إلى أجوافهم فى النفس أكثر من النساء وسائر الأبدان الباردة. فلما صارت الحنجرة واسعة، كثر دخول الهواء فيها إلى ما هو مادة وعنصر الصوت 〈ولذلك〉 غلظ الصوت وصار جهيرا. وكما فى المزمار الواسع 〈إذا نفخ نفخا〉 شديدا: يسمع صوتا شديدا لا تساع المزمار وكثرة الهواء الداخل فيه، فكذلك حنجرة الرجال أيضا. وأما الصبيان والخصيان والنساء فلأنهم عدموا هذه العلل صارت أصواتهم ضعيفة.
[chapter 7]
Page 48