فإن قلت: فمن الأفعال ما يتعدى إلى ثلاث مفعولات، والمفعول الأول منها لا يكون الثاني. فلم لا يكون (أرأيتك) أيضًا؟، قيل: إنَّ هذا الفعل ليس من تلك الأفعال التي تتعدى إلى ثلاثة مفاعيل، ولو كان منها، جاز تعديه إليها في غير هذا الموضع، وإمتناعه من ذلك -فيما عدا هذا- يفسر هذا الإعراب (وإذا كان كذلك، فهو ملحق فلا يكون في) موضع الإعراب. وكثير في كلامهم، من ذلك إلحاقهم إياه في (ذلك وتلك وهولئك، وهنالك وأولئك). وقالوا: /٦ آأبصرك. وحكى بعض البصرييين وصلها بـ (ليس) وفي مواضع آخر لم يحكها أصحابنا، فإذا إمتنع أن تكون في موضع نصب، أو رفع، علمت أنها لا موضع لها من الإعراب، وأنها في كونها للمخاطب فقط كتاء.
ويحكى عن عيسى أنه كان يحذف الهمزة من (أرأيتك التي بمعنى العلم. وهذا أيضًا ليس بمطرد في القياس. ألا ترى أن التخفيف القياسي في هذا أن تجعلها بين بين،، ولا تحذفها ولا تقلبها قلبا. وقد جاء قلب الهمزة في الشعر للضرورة. ولم يبلغ القلب -عندي- في هذا أن يكون سائغا عند الجميع مطردا. وقد سمع في بعض الأشعار، وقال الراجز:
١٩ - أريت أن جاءت به املودا
مرحلا ويلبس البرودا
ومن هذا الباب قولهم: ظننت زيدا منطلقا. وإمتناعهم من نقله بالهمزة ليتعدى إلى مفعول ثالث. وقد حكى أبو عثمان إجازته عن أبي الحسن وذهب هو إلى الإمتناع من إجازته، وأنِّه قد استغنى عنه، بقولهم جعلته يظن كذا، أو
1 / 79