خبر والآخر مخبر عنه، فهو مستقل مفيد مستغنى به عن غيره. وأعلم أن بعض الجمل قد تقوم مقام بعض، فمن ذلك قوله ﷿: " ... سواء عليكم أدعموتموهم أم أنتم صامتون" فهذه التي من الإبتداء والخبر موقعًة موقع التي هي من الفعل، والفاعل. ألا ترى أنها معادلة كما هو كذلك (وكذلك) قوله: " ... فهل لنا من شفعاء فيشفعوا لنا أو نرد ... ". فقوله: (أن نرد). معادلة التي من الإبتداء والخبر، كما كانت التي من الإبتداء والخبر معادلة للفعل والفاعل في الآية الأخرى. يدلك على ذلك دخولها في حيز الإستفهام بعطفها عليه، وعلى هذا يتجه ما أشنده أبو زيد:
١٣ - أقيس بن مسعود بن قيس بن خالد
أموف بادراع ابن ظبية أو تذم
فظاهر قوله: (أو تذم)، إنها معادلة لما قبله من الجملة التي هي إبتداء وخبر. وقد يحتمل أن يضمر، بينما يكون الفعل في موضع خبره. ومما وقع من بعض هذه الجمل موقع بعض قولهم: أتقى الله امرؤ فعل خيرا، يثبت عليه.
فاللفظ كما ترى لفظ الخبر، والمعنى معنى الأمر، يدلك علي ذلك جزمك للفعل بعده. وهذا الجزم جواب له، وهو في الحقيقة -عندنا- ينجزم، لأنه جواب لشرك محذوف، ونظير هذا من الإبتداء والخبر قولهم: حسبك ينم الناس (فحسبك) مرتفع بالإبتداء والخبر محذوف مراد. وحسن فيه الحذف لأمرين: أحدهما أن حسبك بمنزلة (أكفف). والآخر أنك لا تكاد تقول: ذلك عند معرفة المخاطب بالمراد، فحذف الخبر للعلم به، - وهذا تفسير أبي العباس- فهاتان جملتان ألفاظهما ألفاظ الخبر، ومعناها معنى الأمر. وجزمكّ لـ (ينام) بعد
1 / 72