عليه، أجرى بحسن الإظهار مع ذلك، لأن المعتبر عنه لما كان من جنس النطق، قام مقام العبارة، ولست تجد كذلك سائر الأحداث المعبرة عنها، ومما يبين لك ترك هذا الإظهار، ومعاقبة هذا الحرف للفعل (إذ) تجده يصل تارة بحرف وتارة بغير حرف. فوصله بالحرف كقولك في الإستغاثة: يا للمسلمين، ويا لله ووصله بغير الحرف: يا زيد. ويا عبد الله، ويا رجل إقبل، فصار في هذا كقولك: (جئته، وجئت إليه) و"حشيت صدره، وبصدره"، ولهذا أيضًا، ولمكان الياء، حسن أمالة هذا الحرف مع إمتناع الأمالة في حروف المعاني في أكثر الأمر، وقد أقيمت مقام الأمثلة المخوذة من المصادر ألفاظ جعلوها إسمًا لها، فأعنت عنها، وسدت مسدها وصارت كأمثلة الأمر إذا احتملت ضمير الفاعلين، وذلك كقولهم: تراك، ونزال، ونعاء، وصه، ومه، ورويد وإيه، وما اشبه ذلك، وهذا إنما أخصَّ به الأمر، موضع يغلب فيه الفعل، ويختص به، فلا يستعمل فيه غيره، فلما قويت الدلالة على الفعل هنا، استجازوا أن يتسعوا بإقامة هذه الألفاظ مقامه، وهي في الحقيقة أسماء سميت بها هذه الأمثلة، وهذا مثل حذفهم الفعل حيث علم أنه لا يكون إلا به، وذلك قولهم: "هلا خيرا من ذلك" وعلى هذا قوله:
٩ - تعدون عقر النيب أفضل مجدكم
بنى ضوطرى لولا الكمي المقنعا
فلم يستعمل الفعل بعدها للدلالة على الفعل، والعلم بأن هذا الموضع يختص به، ولم يجيء من هذا النحو في الخبر إلا أحرف قليلة من ذلك قولهم:
1 / 66