Masail Cashar Fi Ghayba
المسائل العشر في الغيبة
Investigator
فارس تبريزيان الحسون
وكان من أمر يونس نبي الله عليه السلام مع قومه وفراره عنهم عند تطاوله المدة في خلافهم عليه واستخفافهم بحقوقه، وغيبته عنهم لذلك عن كل أحد من الناس حتى لم يعلم بشر من الخلق مستقره ومكانه إلا الله تعالى، إذ كان المتولي لحبسه في جوف الحوت في قرار بحر، وقد أمسك عليه رمقه حتى بقي حيا، ثم أخرجه من ذلك إلى تحت شجرة من يقطين، بحيث لم يكن له معرفة بذلك المكان من الأرض ولم يخطر له ببال سكناه.
وهذا أيضا خارج عن عادتنا (1) وبعيد من تعارفنا، وقد نطق به القرآن (2) وأجمع عليه أهل الإسلام وغيرهم من أهل الملل والأديان.
وأمر أصحاب الكهف نظير لما ذكرناه، وقد نزل القرآن بخبرهم وشرح أمرهم (3): في فرارهم بدينهم من قومهم وحصولهم في كهف ناء عن بلدهم، فأماتهم الله فيه وبقي كلبهم باسطا ذراعيه بالوصيد، ودبر أمرهم في بقاء أجسامهم على حال أجساد الحيوان لا يلحقها بالموت تغير (4)، فكان (5) يقلبهم ذات اليمين وذات شمال كالحي الذي يتقلب (6) في منامه بالطبع والاختيار، ويقيهم حر الشمس التي تغير الألوان، والرياح التي تمزق الأجساد فبقوا على ذلك ثلاث مائة سنة وتسع سنين على ما جاء به الذكر الحكيم.
Page 85