قال إمامنا المنصور بالله رحمة الله عليه في الاعتصام: وقد أوسع في هذا المعنى من الأدلة من الآيات والأخبار ما هذا لفظه: (دل جميع ما تقدم من الآيات والأخبار المتفق عليها في مشاهير كتب الأمة بلا تواطؤ على وجوب التمسك بمذهب آل محمد، وهم يدعون إلى ما أوجب الله والى ما هو دعاء من الله ومن رسوله إلى الأخذ بمحكم الكتاب والمعلوم من سنة الرسول صلى الله عليه وآله وسلم بالتواتر والتلقي بالقبول، وعلى الرد إلى الله وإلى الرسول فيما اختلفوا فيه قال الله سبحانه وتعالى: ((فإن تنازعتم في شيء فردوه إلى الله والرسول))[النساء: 59]. وبلغنا عن أمير المؤمنين كرم الله وجهه في الجنة أنه قال: "الرد إلى الله هو الرد إلى محكم كتابه والرد إلى رسوله هو إلى سنته الجامعة غير المفرقة". وقال الله تعالى: ((ياأيها الذين آمنوا استجيبوا لله وللرسول إذا دعاكم لما يحييكم))[الأنفال: 24]. وهذا صراط الله المستقيم الذي قال سبحانه: ((وأن هذا صراطي مستقيما فاتبعوه ولا تتبعوا السبل فتفرق بكم عن سبيله))[الأنعام: 153]. إلى قوله عليه السلام: "وهذه سبيل محمد صلى الله عليه وآله وسلم وقد قال الله تعالى: ((قل هذه سبيلي أدعو إلى الله على بصيرة أنا ومن اتبعني وسبحان الله وما أنا من المشركين))[يوسف: 108]. فنحن ندعو إلى ذلك ونجيب من دعانا إليه لا نخالف الحق ولا نختلف فيه إن شاء الله تعالى ، ومع هذا فإنا لا نستوحش ممن هجر مذهبنا وتجنب الأخذ والرواية عن آبائنا عليهم السلام وشيعتنا رضي الله عنهم، ونرى الأخذ عن الدعاة إلى النار برواية الثقاة من الفريقين". إلى آخر كلامه عليه السلام في هذا المعنى وهو بسيط جدا، وإنما هذا تنبيه على المعنى المقصود من وجوب إتباع آل محمد صلى الله على محمد وعلى آل محمد وسلم.
ويؤكد ما قدمنا من الأدلة إجماع العترة الطاهرة وشيعتهم فإن إجماعهم على ذلك مشهور لا ينكره إلا من قلبه بالجهل مغمور، وإجماعهم عليهم السلام حجة واجبة الإتباع للأدلة الشرعية والبراهين القطعية، وذلك أنهم عليهم السلام يدينون ويعتقدون أنهم أهل الكتاب الذين اصطفاهم الله لإرثه وأهل الذكر الذين أمر بسؤالهم وأولوا الأمر الذين أوجب الله على جميع المكلفين طاعتهم والرجوع إليهم وأنهم هم الأمة الذين يدعون إلى الخير ويأمرون بالمعروف، وينهون عن المنكر، وأنهم المفلحون ، وأنهم الشهداء على الناس، وأن الرسول هو الشهيد لهم على الناس بذلك، وأنهم هم الصادقون الذين أمر الله بالكون معهم، وأنهم الذين فرض الله مودتهم، وحكم بعصمتهم وطاعتهم، وأنهم أمان لأهل الأرض من الغرق، وأنهم كسفينة نوح من اعتصم بهم واتبع آثارهم نجا ومن تخلف عنهم غرق وهوى ، وأنهم باب حطة، وباب السلم، فادخلوا في السلم كافة، وأنهم قرناء الكتاب المعبر عنه بالثقلين كما مر، وأنهم خلفاء أرضه، وأئمة خلقه، ودعاة بريته، وأنه لا تخلو الأرض من حجة منهم لله فيها وعلى الحق ظاهرين.
Page 43