Masabih Satica
المصابيح الساطعة الأنوار
Genres
هذا مع تصرم ذلك كله وانقضائه، وخروج أهله منه بالموت وفنائه، وترك ما جمعوا لذلك لغيرهم، وما تكالبوا عليه لورثتهم.
وكلما ذكره الله سبحانه من قوله: ((ألم نجعل الأرض مهادا (6) والجبال أوتادا (7) وخلقناكم أزواجا (8) وجعلنا نومكم سباتا(9) وجعلنا الليل لباسا (10) وجعلنا النهار معاشا (11) وبنينا فوقكم سبعا شدادا (12))) إلى قوله: ((وجنات ألفافا)) فإنما أراد الله تبارك وتعالى بذكر ما ذكر احتجاجا على المكذبين بالنباء العظيم، بما جعل من ذلك كله وركب فيه من الدلائل الدالة عليه سبحانه والشاهدات على تصديق النباء العظيم، الذي هم في تصنيف الكذب به مختلفون، فأخبر جل وعلا جلاله عن أن يحويه قول أو يناله أن في أقل مما رأوه من جعله، وعاينوا من أثر خلقه دليل على عظيم قدرته وصدق وعده ووعيده، وأن الذي عاينوا من أثر صنعه في هذه الأشياء أعظم في بيان القدرة ومضي الإرادة من نشر الموتى، وما نبأهم به رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم من الأشياء التي ذكرها في يوم المعاد، وأنذر بها، ورغب ورهب جميع العباد.
ثم قال سبحانه: ((إن يوم الفصل كان ميقاتا (17))) ويوم الفصل: فهو يوم الجزاء والقطع بين العباد، والقضاء بينهم فيما كانوا فيه يختلفون، وبه من النبأ يكذبون، فسمى الله سبحانه ذلك اليوم: يوم الفصل؛ ليفصل الأمور، وتفصيلها: فهو قطع ريبها، وبيان أمرها، وثبوت صحتها عند من كان جاحدا لها.
Page 338