Masabih Satica
المصابيح الساطعة الأنوار
Genres
وتأويل ((فألهمها فجورها وتقواها(8))) هو فعرفها تدبير الله لها وإحكامه هيئتها وأجترائها، فجعلها تبارك وتعالى عارفة بكل ما كانت عليه مجترئة، أوله خائفة.
ثم أخبر سبحانه أن نفس الإنسان من بين ما ذكرنا من الحيوان نفس بين الزكاء والفلاح، والفجور والتدسية والصلاح، فإن تزكت بالتقوى أفلحت وزكت، وإن تدست بالفجور عند الله طلحت وهلكت فقال سبحانه: ((قد أفلح من زكاها (9) وقد خاب من دساها (10))) وتأويل تزكيتها: هو تطهرتها، وتأويل تدسيتها: فهو من تطغيتها.
ثم ذكر تبارك وتعالى من دساها من سالف الأمم في الفجور فأطغاها فقال سبحانه: ((كذبت ثمود بطغواها(11))) تأويله بعتاها وغواها ((إذ انبعث أشقاها (12) فقال لهم رسول الله)) وتأويله إذ قام أخزاها لشقوته وشؤمه، وبرضاء قومه وعشيرته، والأشقى فقد يكون إنسانا واحدا، أو يكون جماعة عدة ، وأي ذلك قيل به كانت المقالة في الصدق والمعنى واحد، كما يقال: أشقى هذه قبيلة فلان، وأشقى هذه قبيلة فلان فيكون ذلك كله واحدا في الدلالة والبيان.
ويدل على أن أشقاهم ليس بواحد منهم قوله سبحانه: ((فقال لهم)) فلو كان واحدا منهم لقال: فقال له، وقوله: ((فدمدم عليهم ربهم بذنبهم)) فلو كان الأشقى واحدا منهم لقال: فدمدم عليه ربه، ولقال أيضا: بذنبه، ولم يقل: (بذنبهم) إذ هو واحد منهم، ولقال: عقرها، ولم يقل: ((فعقروها)) إذا لم يكن إلا من واحد عقرها.
Page 233