219

Masabih Satica

المصابيح الساطعة الأنوار

وتأويل ((والليل إذا يغشاها(4))) فهو إذا غشي الليل الشمس وآتاها فوارى بظلمته نورها، وأخفى بظهوره ظهورها، ولم تر الشمس، ولم ينتشر الإنس، وسكن في الليل الإنس والوحش وكل طير فهدأ من ذلك كله فيه كل صغير وكبير رحمة من الله به لذلك كله، ومنة من الله من بها عليهم بفضله كما قال سبحانه: ((ومن رحمته جعل لكم الليل والنهار لتسكنوا فيه ولتبتغوا من فضله ولعلكم تشكرون)) [القصص:73].

وتأويل ((والسماء وما بناها(73))) فالسماء: هي السماء التي نراها ((وما بناها)) فهو وما هيأها من حكمة الله وتدبيره ورحمة الله وتقديره.

وتأويل ((والأرض وما طحاها(6))) فهو والأرض ومادحاها، ودحو الشيء: هو بسطه وتمهيده، ونشره وتوسيعه وتمديده كما قال سبحانه: ((والأرض مددناها)) وتأويله بسطناها ومهدنا كما قال الله سبحانه: ((ألم نجعل الأرض مهادا {6} والجبال أوتادا)) [النبأ:7] والممدود إذا أريد مده وامتهاده ضرب فيه وفي نواحيه لتمتد أوتاده.

وتأويل ((ونفس وما سواها(7))) فهو الأنفس التي قد علمناها لكل ذي نفس من البهائم والإنس، وهي التي إذا فارقت وزالت ماتت أجسادها وخفت، فعادت أجسادها أمواتا هلاكا، ولم ير لها أحد بعد ذهاب أنفسها منها حراكا ((وما سواها)) فهو وما هيأها لجعلها حية كما جعلها، وعدلها سوية كما عدلها، من قدرة الله وإحكامه، ومنته عليها وإنعامه.

Page 232