Masabih Satica
المصابيح الساطعة الأنوار
Genres
((والنهار إذا جلاها(3))) فهو إذا أظهرها النهار وأضحاها، لأنها لا تضحى أبدا بإظهار إلا فيما جعلها الله تضيء فيه من النهار، وكذلك سبحانه دبرها في مقدارها، وبذلك فقدرها في مسيرها ومدارها، وفيها مايقول سبحانه: ((لا الشمس ينبغي لها أن تدرك القمر ولا الليل سابق النهار وكل في فلك يسبحون)) [يس:40] فكلهم جميعا في فلك، وهو المدار يطلعون ويغربون، فليل الشمس والقمر عند كل أحد فغير نهارهما، وأنهما يدوران جميعا بالليل والنهار في مدارهما كما قال سبحانه فلا يمكن أن يسبق النهار، وإن كان الفلك في ذلك كله هو المسلك والمدار، لأن الليل لو سبق نهاره لسبقت الظلم أنواره فبطل العدد والزمان وتقديرهما، وفسد البشر والحيوان وتدبيرهما، ولكان في ذلك أيضا فساد الأشجار والثمار، لأن قوام ذلك كله ونشأته بما فصل بين الليل والنهار، فسبحان مفصل الأمور والأشياء لبقاء ماأراد بقاءه من النبات والأحياء، وليعلم العالمون عدد السنين والحساب الذي عنه وبه يكون كل جيئة وذهاب، أوبقاء لشيء من الأشياء جعله يبقى أويفنى مما فطره سبحانه خلقا، كما قال جل ثناؤه وتقدست بكل بركة أسماؤه: ((وجعلنا الليل والنهار آيتين فمحونا آية الليل وجعلنا آية النهار مبصرة لتبتغوا فضلا من ربكم ولتعلموا عدد السنين والحساب وكل شيء فصلناه تفصيلا)) [الإسراء:12].
Page 231