214

Masabih Satica

المصابيح الساطعة الأنوار

تفسير (والليل إذا يغشى)

بسم الله الرحمن الرحيم

((والليل إذا يغشى (1) والنهار إذا تجلى (2) وما خلق الذكر والأنثى))

فقال: ((والليل)) وغشيانه: فهو ظهوره وإتيانه، وتجلي النهار: فهو ظهور شمسه على وحشه وانسه، وبتجليه وظهوره يعيش أهل الأرض فيه، ويتحركون وينتشرون ويقبلون، ويدبرون كما قال الله سبحانه: ((وجعل النهار نشورا)) [الفرقان:47] فجعله برحمته لخلقه ضياء ونورا، لتبتغوا فيه كما قال سبحانه: ((من فضله)) ولمنته على أهله: ((ومن رحمته جعل لكم الليل والنهار لتسكنوا فيه ولتبتغوا من فضله ولعلكم تشكرون)) [الفرقان:73] فكفى بما في الليل والنهار من الدلالة على الله دليلا لقوم يتفكرون.

وتأويل ((وما خلق الذكر والأنثى)) فهو وما خلق به كل ذكر وأنثى من الأزواج المختلفة الشتى، أزواج الإنس والبهائم والأشجار، وكلما خلقه زوجا في الأصول والثمار، فأقسم بما خلق به جميع خليقته من قدرته وحكمته، ومنه ورحمته، وقد قال غيرنا: إن تأويل ((وما خلق)) هو ومن خلق، يريدون أن القسم كان بالله جل ثناؤه، وليس والله أعلم ذلك في القسم كذلك، لأن الله تبارك وتعالى أقسم بالليل والنهار فقدمهما في قسمه، ولو كان تأويل ما خلق: هو ومن خلق لبدأ الله في القسم باسمه وذكره، وعظم اسمه وكبره، ولكنه إنشاء الله كما قلنا.

Page 227