21

Masabeeh al-Durar fi Tanasub Ayat al-Qur'an al-Karim wa al-Suwar

مصابيح الدرر في تناسب آيات القرآن الكريم والسور

Publisher

الجامعة الإسلامية بالمدينة المنورة

Edition Number

العدد١٢٩-السنة ٣٧

Publication Year

١٤٢٥هـ

Genres

حكم على مَا سُئل، وَإِذا رَجَعَ إِلَى التِّلَاوَة، لم يتلُ كَمَا أفتى، وَلَا كَمَا نزل مفرقًا.. بل كَمَا أُنزل جملَة إِلَى بَيت الْعِزَّة..» .. ثمَّ قَالَ الزَّرْكَشِيّ معقبًا: «وَهُوَ مبنيٌّ على أَن تَرْتِيب السُّور توقيفي، وَهَذَا الراجحُ كَمَا سَيَأْتِي» (١) . وَهَذَا أَمر وَاضح جدا، وَلَا أَدْرِي كَيفَ خفَي على مثل الإِمَام الْعَظِيم - وَهُوَ مَنْ هُوَ: علما وتحقيقًا، وعقلًا وذكاءً -؟ ﴿كَيفَ غَابَ عَنهُ أَن الْقُرْآن الْمجِيد كلامُ الله، وَأَنه قديمٌ قدمَه - سُبْحَانَهُ -، لِأَنَّهُ صفة من صِفَاته.. فَكيف يَصح ألاَّ يكون على غَايَة التنسيق، وإحكام الِاتِّصَال؟﴾ إِن الْقُرْآن الْكَرِيم هُوَ الْجُمْلَة الْوَاحِدَة الَّتِي سبق بهَا علم الله سُبْحَانَهُ، وأنزلها جملَة وَاحِدَة من اللَّوْح الْمَحْفُوظ إِلَى بَيت الْعِزَّة فِي السَّمَاء الدُّنْيَا، ثمَّ ابْتَدَأَ نُزُوله منجمًا بِحَسب الوقائع والأسباب، والحوادث والدواعي، على النَّبِي الْخَاتم، فِي لَيْلَة الْقدر، أولَ مبعثه - صلوَات الله عَلَيْهِ وَسَلَامه -.. وَلَعَلَّ من أدقِّ مَا قيل فِي هَذَا - بِالْإِضَافَة إِلَى كلمة الشَّيْخ ولي الله الملوى: «إِنَّهَا على حسب الوقائع تنْزيلًا، وعَلى حسب الْحِكْمَة ترتيبًا» - كلمةَ الْأُسْتَاذ الْجَلِيل الدكتور مُحَمَّد عبد الله دراز - رَحْمَة الله عَلَيْهِ - حَيْثُ قَالَ فِي إيجاز مكثَّف: «.. إِن كَانَت بعد تنْزيلها (أَي الْآيَات والسور) قد جُمعت عَن تَفْرِيق؛ فَلَقَد كَانَت فِي تنْزيلها مفرَّقة عَن جمع» (٢) . وَكَذَلِكَ كلمة الزَّرْكَشِيّ الجامعة الْمَانِعَة فِي هَذَا الْبَاب: «.. بل عِنْد التَّأَمُّل يظْهر أَن الْقُرْآن كلَّه كالكلمة الْوَاحِدَة» (٣) .

(١) الْبُرْهَان، ١/٣٧، ٣٨. (٢) النبأ الْعَظِيم: نظرات جَدِيدَة فِي الْقُرْآن، د. مُحَمَّد عبد الله دراز، دَار الْفِكر - الكويت، ط٣/١٩٨٨م، ص ١٥٤، ١٥٥ (٣) الْبُرْهَان، ١/٣٩

1 / 33