Marriage
الزواج
Publisher
مدار الوطن
Edition Number
١٤٢٥هـ
Genres
بسم الله الرحمن الرحيم
المقدمة
إن الحمد لله نحمده ونستعينه ونستغفره ونتوب اليه ونعوذ بالله من شرور أنفسنا ومن سيئات أعمالنا من يهده الله فلا مضل له ومن يضلل فلا هادي له وأشهد أن لا اله إلا الله وحده لا شريك له واشهد أن محمدا عبده ورسوله صلي الله على اله وأصحابه وسلم تسليما كثيرا.
أما بعد: فإنني مسرور بما تيسر لي من المشاركة في الموسم الثقافي للمحاضرات في كليتي الشريعة واللغة العربية بالقصيم١ لما ارجوه من الفائدة التي تحصل لي ولمن سمع محاضراتي أو قرأها إن شاء الله تعالى واسأل الله تعالى أن يجعل عملنا جميعا خالصا لوجهه موافقا لمرضاته.
ولكنني أحب أن أقدم كلمة قبل الدخول في صميم المحاضرة تكون مناسبة – إن شاء الله – وهي أنكم تعرفون
_________
١ كان ذلك في ليلة الثلاثاء ٧/٣/١٣٩٨.
1 / 3
أيها الاخوة.. وأيها المشايخ إن الإسلام في عصرنا هذا محارب من جهات متعددة.
١- من جهة الأفكار، من جهة الأخلاق، من جهة العقائد.
وأنه كلما شنت الغارات وقويت فانه يجب أن يكون لها مضاد يقابلها بل يكون اعلي منها فإذا لم يكن ذلك فان معناه القضاء على الإسلام.
وهذا أمر في أعناق أهل العلم وأهل الدين، يجب عليهم أن يبذلوا الجهد ما استطاعوا بان يمنعوا هذه التيارات التي جاءتنا من كل جانب والتي أصبح الإنسان فيها بل الحليم حيران لا يدري كيف يتصرف؟
ولقد كنا نسمع كثيرا إن أعداء المسلمين يقولون: انه يجب التركيز على – المملكة العربية السعودية – لكونها مهد الإسلام وقبلة المسلمين وقدوتهم، ولهذا تجدهم يشنون الغارات الشرسة والمكايد المحكمة ويكرسون جهودهم لحرب هذه المملكة وإذا لم يقم أهل هذه المملكة من
1 / 4
علماء ومن مخلصين بإيصاد الباب أما هؤلاء وسوف يجوسون خلال الديار وسوف تجدون أمورا تنكرونها غاية الإنكار.
والذي يجب علينا أمام هذه التيارات أيها الاخوة هو:
١- توحيد الدعوة
٢-توحيد الجهد
٣-الا نجعل بيننا مكانا لموطئ قدم من الأعداء
ولكني أقول بالحقيقة أننا نعمل على ذلك كل منا كأنما يعمل وحده لا نجد اثنين الا ما شاء الله على هدف واحد أو بعبارة اصح على طريق واحد وإن كان الهدف متحدا.
لذلك أرى أن من واجب علماء هذه المملكة سواء في الرياض أو في الحجاز أو في القصيم أو في غيرها من مناطق المملكة إن يجتمعوا على كلمة واحدة وأن يدرسوا الموضوع بجد لأنه خطير فيما أرى، يدرسوه دراسة
1 / 5
وافية لا فيما يتصل بوسائل الإعلام ولا فيما يتصل بوسائل الثقافة ومناهج المدارس ومقرراتها ولا فيما يكون بين عامة الناس من الانحراف والانصراف عن أصول دينهم وفروعه.
ونحن نجد كثيرا من طلاب العلم مشغولون بغير ما هم مكلفون به بطلب الدنيا والإقبال عليها والالتفاف حولها وهذا في الحقيقة يضعف دعوتهم إلي الخير، يضعف قبولها أمام العامة أيضا فان لسلوك العالم خطرا بالغا في تأثيره على من حوله فإذا كان العامة لا يجدون من أهل العلم الا التكالب على الدنيا كما يتكالب عليها السوقة من عامة الناس فإنهم لن يثقون أبدا بما عندهم من الإرشادات والعلوم.
كذلك أيها الاخوة بالنسبة لولاة الأمور يجب علينا مناصحتهم لأن النبي صلي الله عليه وسلم قال: "الدين النصيحة" ثلاثة مرات قالوا: لمن يا رسول الله؟ قال: "لله ولكتابه
1 / 6
ولرسوله ولائمة المسلمين وعامتهم" ١.
فالواجب علينا مناصحة ولاة الأمور والا نعتمد على رجل أو رجلين أو ثلاثة أو أربعة، يناصحون ولاة الأمور، فولاة الأمور إذا كثر ناصحوهم وعرفوا الحق من كل جانب وجاءتهم النصيحة من كل وجه فإنهم لا بد أن يلتفتوا إلي ذلك وأن يسلكوا المنهج الذي نسال الله تعالى أن يوفقهم له، وهو منهج النبي صلي الله عليه وسلم ظاهرا وباطنا.
كذلك بالنسبة للعامة نجد أكثر المساجد – مع الأسف – غالب أئمتها جهال ولا يرشدون ولا ينصحون لا يتكلمون وكان الناس قبل وقتنا الحاضر وقبل أن تفتح عليهم الدنيا، يأخذ إمامهم وأن لم يكن من طلبة العلم بعض الكتب المعتمدة، فيقرؤها على المصلين وينتفعون بها، أما اليوم فغالب المساجد لا يقرا فيها شئ ولا يوجه الإمام
_________
١ رواه مسلم كتاب الإيمان باب بيان أنه لا يدخل الجنة إلا المؤمنون رقم ٥٥.
1 / 7
جماعته إلي ما ينفعهم ولهذا تجد عزوف العامة عن المسائل الدينية كثيرا جدا وهذا كله بتقصير من أهل العلم وبتقصير ممن يهمهم هذا الأمر، فعلينا أيها الاخوة إن نجتمع وأن نوحد جهودنا وأن نناصح ولاة أمورنا وأن نبذل الجهد في نصح عامة المسلمين في المساجد والطرقات وغيرها ما استطعنا إلي ذلك سبيلا.
وشئ آخر مهم جدا وهو العزلة بين الشباب والشيوخ هذه العزلة التي أصبح الشباب فيها حيران لا يهتدون سبيلا كل هذا في الحقيقة من تقصير كبار السن وعدم التفات بعضهم إلي الشباب مطلقا حتى إنهم لا يصغون لهم وان قالوا رشدا وهذا من الخطأ فالواجب علينا أن نكون مع هؤلاء الشباب وان ننظر ما هم عليه وأن نلاحظ ما حولهم مما يؤثر عليهم وما السبب الذي أوجب لهم هذا العزوف والانصراف عن الإقبال على دينهم؟ حتى إذا عرفنا الداء أمكننا أن نقوم بإعطاء الدواء.
وأما كوننا إذا سمعنا ما لا ينبغي عن بعضهم أعرضنا عن
1 / 8
الجميع ثم نبذناهم وجعلنا نسبهم في كل مكان ولا نبالي بشأنهم وننظر إليهم بعين الاحتقار فهذا مما يوجب الشر العظيم من بعد الشباب عن الشيوخ وعن أهل العلم والدين حتى تقودهم الشياطين إلي ما تريد.
فعلينا أيها الاخوة أن نراعي هذه المسالة الخطير وان نلقي لها بالا ونحسب لها حسابا.
وعلى المدرسين خصوصا: أن يجتهدوا في تثقيف الطلبة تثقيفا دينيا وأن يرغبوهم فيما جاء به النبي صلي الله عليه وسلم من كتاب الله تعالى وسنة رسوله صلي الله عليه وسلم وأن يبصروهم بالدين على حقيقته وأن يكشفوا لهم الأحكام الشرعية كشفا واضحا مع بيان أسرار الشريعة وحكمتها لأني أري أن التعليم ولا سيما الجامعي فيه بعض النقص وذلك أن بعض المدرسين يلقي الدرس جافا أي إنهم "لا يبينون للطلبة دليل حكم المسالة ولا حكمته" وواقع المؤمن أن ينقاد إلي أمر الله ورسوله سواء علم الحكمة أم لا. قال تعالى: ﴿وَمَا كَانَ لِمُؤْمِنٍ وَلا مُؤْمِنَةٍ إِذَا قَضَى اللَّهُ وَرَسُولُهُ أَمْرًا أَنْ يَكُونَ لَهُمُ الْخِيَرَةُ مِنْ أَمْرِهِمْ﴾
1 / 9
[الأحزاب- ٣٦] ولكنه إذا عرف الحكمة ازداد اطمئنانا وتطبيقا ورغبة في الشريعة ولهذا أحث إخواني المدرسين على أن يلقوا العلم إلي الطلبة دسما حيا محركا للقلوب مهذبا للنفوس ينشرح به الصدر وتطمئن اليه النفس.
والآن ارجع إلي صميم المحاضرة:
لقد كان موضوع محاضرتي هذه"عقد النكاح وآثاره وما يترتب عليه وغير ذلك من بعض ما يتعلق به".
واخترت هذا الموضوع لأهميته وجهل كثير من الناس بكثير من أحكامه، ولما يتصل به من المشكلات الاجتماعية التي يتمنى كل مخلص وناصح لدينه وأمته أن ييسر حلها، فان المشكلات كلما طرقت وألقيت الأضواء عليها تيسر حلها وإذا تناساها الناس وأغمضوا عيونهم بقيت كما هي أو زادت غموضا وإشكالا.
وقد عقدت لهذا الموضوع عشرة فصول:
الفصل الاول: في معنى النكاح لغة وشرعا.
الفصل الثاني: في حكم النكاح.
1 / 10
الفصل الثالث: في شروط النكاح.
الفصل الرابع: في أوصاف المرأة التي ينبغي نكاحها.
الفصل الخامس: في المحرمات في النكاح.
الفصل السادس: في العدد المباح في النكاح.
الفصل السابع: في الحكمة من النكاح.
الفصل الثامن: في الآثار المترتبة على النكاح ومنها:
١- المهر. ٢- النفقة. ٣- الصلة بين الأصهار. ٤- المحرمية. ٥-الميراث
الفصل التاسع: في حكم الطلاق وما يراعى فيه.
الفصل العاشر: فيما يترتب على الطلاق.
فنقول مستعينين بالله تعالي، مستهلين منه التوفيق والسداد راجين منه النفع للعباد.
1 / 11
الفصل الأول: في معنى النكاح لغة وشرعا
النكاح في اللغة: يكون بمعنى عقد التزويج ويكون بمعنى وطء الزوجة قال أبو علي القالي: "فرقت العرب فرقا لطيفا يعرف به موضع العقد من الوطء، فإذا قالوا: نكح فلانة أو بنت فلان أرادوا عقد التزويج، وإذا قالوا: نكح امرأته أو زوجته لم يريدوا إلا الجماع والوطء".
ومعنى النكاح في الشرع: "تعاقد بين رجل وامرأة يقصد به استمتاع كل منهما بالآخر وتكوين أسرة صالحة ومجتمع سليم".
ومن هنا نأخذ انه لا يقصد بعقد النكاح مجرد الاستمتاع بل يقصد به مع ذلك معنى آخر هو (تكوين الأسرة الصالحة والمجتمعات السليمة) لكن قد يغلب احد القصدين على الآخر لاعتبارات معينة بحسب أحوال الشخص.
1 / 12
الفصل الثاني في حكم النكاح:
النكاح باعتبار ذاته مشروع مؤكد في حق كل ذي شهوة قادر عليه. وهو من سنن المرسلين، قال الله تعالى: ﴿وَلَقَدْ أَرْسَلْنَا رُسُلًا مِنْ قَبْلِكَ وَجَعَلْنَا لَهُمْ أَزْوَاجًا وَذُرِّيَّةً﴾ [الرعد-٣٨] .
وقد تزوج النبي صلي الله عليه وسلم وقال: "إني أتزوج النساء فمن رغب عن سنتي فليس مني" ١.
ولذلك قال العلماء: إن التزويج مع الشهوة أفضل من نوافل العبادة لما يترتب عليه من المصالح الكثيرة والآثار الحميدة التي سنبين بعضها فيما بعد إن شاء الله.
وقد يكون النكاح واجبا في بعض الأحيان كما إذا كان
_________
١ رواه البخاري كتاب النكاح باب الترغيب في النكاح – رقم "٥٠٦٣" ومسلم في كتاب النكاح باب من استطاع منكم الباءة فليتزوج – رقم"١٤٠١".
1 / 13
الرجل قوي الشهوة ويخاف على نفسه من المحرم إن لم يتزوج فهنا يجب عليه أن يتزوج لاعفاف نفسه وكفها عن الحرام ويقول النبي صلي الله عليه وسلم: "يا معشر الشباب من استطاع منكم الباءة فليتزوج فانه أغض للبصر وأحصن للفرج ومن لم يستطع فعليه بالصوم فانه له وجاء" ١
_________
١ رواه البخاري كتاب النكاح باب من لم يستطع الباءة فليصم رقم "٥٠٦٦" ومسلم كتاب النكاح باب من استطاع منكم الباءة فليتزوج – رقم"١٤٠١".
1 / 14
الفصل الثالث: في شروط النكاح
من حسن التنظيم الإسلامي ودقته في شرع الأحكام إن جعل للعقود شروطا بها وتتحدد فيها صلاحيتها للنفوذ والاستمرار فكل عقد من العقود له شروط لا يتم الا بها وهذا دليل واضح على أحكام الشريعة وإتقانها وأنها جاءت من لدن حكيم خبير يعلم ما يصلح للخلق ويشرع لهم ما يصلح به دينهم ودنياهم حتى لا تكون الأمور فوضى لا حدود لها ومن بين تلك العقود عقد النكاح فعقد النكاح له شروط نذكر منها ما يأتي وهو أهمها:
١- رضا الزوجين: فلا يصح إجبار الرجل على نكاح من لا يريد ولا إجبار المرأة على نكاح من لا تريد.
قال الله تعالى: ﴿يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لا يَحِلُّ لَكُمْ أَنْ تَرِثُوا النِّسَاءَ كَرْهًا﴾ "النساء:١٩". وقال النبي صلي الله عليه وسلم: "لا تنكح الأيم حتى تستامر ولا تنكح البكر حتى تستأذن"، قالوا: يا
1 / 15
رسول الله وكيف إذنها؟ قال: "أن تسكت" ١
فنهى النبي صلي الله عليه وسلم عن تزويج المرأة بدون رضاها سواء أكانت بكرا أم ثيبا الا أن الثيت لا بد من نطقها بالرضا وأما البكر فيكفي في ذلك سكوتها لأنها تستحي من التصريح بالرضا.
وإذا امتنعت عن الزواج فلا يجوز أن يجبرها عليه احد ولو كان أباها، لقول النبي صلي الله عليه وسلم: "والبكر يستأذنها أبوها" ٢.
ولا أثم على الأب إذا لم يزوجها في هذه الحال لأنها هي التي امتنعت ولكن عليه أن يحافظ عليها ويصونها.
وإذا خطبها شخصان، وقالت: أريد هذا وقال وليها: تزوجي الآخر، زوجت بمن تريد هي إذا كان كفئا لها أما إذا كان غير كفء فلوليها أن يمنعها من زواجها به ولا إثم
_________
١ رواه البخاري كتاب النكاح باب لا ينكح الأب وغيره البكر والثيب الا برضاها رقم"٥١٣٦" ومسلم كتاب نكاح باب استئذان الثيب في النكاح رقم" ١٤١٩".
٢ رواه مسلم كتاب النكاح باب استئذان الثيب في النكاح بالنطق والبكر بالسكوت رقم "١٤٢١".
1 / 16
عليه في هذه الحال.
٢. الولي فلا يصح النكاح بدون ولي، لقول النبي صلي الله عليه وسلم: "لا نكاح إلا بولي" ١. فلو زوجت المرأة نفسها فنكاحها باطل، سواء باشرت العقد بنفسها أم وكلت فيه.
والولي: هو البالغ العاقل الرشيد من عصباتها، مثل الأب، والجد من قبل الأب، والابن وابن الابن وإن نزل والأخ الشقيق والأخ من الأب والعم الشقيق والعم من الأب وأبنائهم الأقرب فالأقرب.
ولا ولاية للأخوة من الأم ولا لأبنائهم ولا أبي الأم والأخوال لأنهم غير عصبة.
وإذا كان لا بد في النكاح من الولي فانه يجب على الولي اختيار الأكفأ الأمثل إذا تعدد الخطاب فإن خطبها
_________
١ رواه أبو داود كتاب النكاح باب في الولي رقم "٢٠٨٥" والترمذي، كتاب النكاح باب ما جاء لا نكاح إلا بولي رقم "١١٠١" وابن ماجه كتاب النكاح باب لا نكاح إلا بولي رقم" ١٨٨١"
1 / 17
واحد فقط وهو كفء ورضيت فانه يجب عليه أن يزوجها به وهنا نقف قليلا لنعرف مدى المسئولية الكبيرة التي يتحملها الولي بالنسبة إلي من ولاه الله عليها فهي أمانة عنده يجب عليه رعايتها ووضعها في محلها ولا يحل له احتكارها لأغراضه الشخصية أو تزويجها بغير كفئها من اجل طمع فيما يدفع اليه، فان هذا من الخيانة وقد قال الله تعالى: ﴿يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لا تَخُونُوا اللَّهَ وَالرَّسُولَ وَتَخُونُوا أَمَانَاتِكُمْ وَأَنْتُمْ تَعْلَمُونَ﴾ [الأنفال: ٢٧] . وقال تعالى: ﴿إنَّ اللَّهَ لا يُحِبُّ كُلَّ خَوَّانٍ كَفُورٍ﴾ [الحج:٣٨] . وقال النبي صلي الله عليه وسلم: "كلكم راع وكلكم مسئول عن رعيته" ١.
وترى بعض الناس تخطب منه ابنته يخطبها كفء ثم يرده ويرد آخر وآخر ومن كان كذلك فان ولايته تسقط ويزوجها غيره من الأولياء الأقرب فالأقرب.
_________
١ رواه البخاري كتاب النكاح باب ﴿قُوا أَنْفُسَكُمْ وَأَهْلِيكُمْ نَارًا﴾ رقم "٥١٨٨" ومسلم كتاب الإمارة باب فضيلة الإمام العادل رقم "١٨٢٩".
1 / 18
الفصل الرابع: في صفة المرأة التي ينبغي نكاحها
النكاح يراد للاستمتاع وتكوين أسرة صالحة ومجتمع سليم كما قلنا فيما سبق. وعلى هذا فالمراة التي ينبغي نكاحها هي التي يتحقق فيها استكمال هذين الغرضين وهي التي اتصفت بالجمال الحسي والمعنوي.
فالجمال الحسي: كمال الخلقة لان المرأة كلما كانت جميلة المنظر عذبة المنطق قرت العين بالنظر إليها وأصغت الإذن إلي منطقها فينفتح إليها القلب وينشرح إليها الصدر وتسكن إليها النفس ويتحقق فيها قوله تعالى: ﴿وَمِنْ آيَاتِهِ أَنْ خَلَقَ لَكُمْ مِنْ أَنْفُسِكُمْ أَزْوَاجًا لِتَسْكُنُوا إِلَيْهَا وَجَعَلَ بَيْنَكُمْ مَوَدَّةً وَرَحْمَةً﴾ [الروم-٢١] .
والجمال المعنوي: كمال الدين والخلق فكلما كانت المرأة أدين وأكمل خلقا كانت أحب إلي النفس واسلم عاقبة.
1 / 19
فالمرأة ذات الدين قائمة بأمر الله حافظة لحقوق زوجها وفراشه وأولاده وماله، معينه له على طاعة الله تعالى، إن ذكرته وأن تثاقل نشطته وأن غضب أرضته.
والمرأة الأدبية تتودد إلي زوجها وتحترمه ولا تتأخر عن شئ يحب أن تتقدم فيه ولا تتقدم في شئ يحب أن تتأخر فيه ولقد سئل النبي صلي الله عليه وسلم أي النساء خير؟ قال: "التي تسره إذا نظر وتطيعه إذا أمر ولا تخالفه في نفسها ولا ماله بما يكره" ١ وقال صلي الله عليه وسلم: "تزوجوا الودود الولود فاني مكاثر بكم الأنبياء، أو قال: الأمم" ٢.
فان أمكن تحصيل امرأة يتحقق فيها جمال المنظر وجمال الباطن فهذا هو الكمال والسعادة بتوفيق الله.
_________
١ رواه احمد والنسائي كتاب النكاح باب أي النساء خير رقم "٣٢٣١".
٢ رواه أبو داود كتاب النكاح باب النهي عن تزويج من لم يلد من النساء رقم"٢٠٥٠" والنسائي كتاب النكاح باب كراهية تزويج العقيم رقم " ٣٢٢٧".
1 / 20
الفصل الخامس: في المحرمات بالنكاح
قال النبي صلي الله عليه وسلم: "إن الله فرض فرائض فلا تضيعوها، وحد حدودا فلا تتعدوها" ١.
ومن جملة الحدود الشرعية التي حد الله تعالى حدودها النكاح حلا وحرمة، حيث حرم على الرجل نكاح نساء معينة لقرابة أو رضاعة أو مصاهرة أو غير ذلك.
والمحرمات من النساء على قسمين:
قسم محرمات دائما وقسم محرمات إلي أجل.
١-محرمات دائما
وهن ثلاثة أصناف:
الصنف الأول: المحرمات بالنسب: وهن سبع ذكرهن الله تعالى بقوله في سورة النساء: ﴿حُرِّمَتْ عَلَيْكُمْ أُمَّهَاتُكُمْ وَبَنَاتُكُمْ وَأَخَوَاتُكُمْ
_________
١ رواه الدارقطني في سننه "٤/١٨٤".
1 / 21
وَعَمَّاتُكُمْ وَخَالاتُكُمْ وَبَنَاتُ الْأَخِ وَبَنَاتُ الْأُخْتِ﴾ [النساء: ٢٣]
١- فالأمهات: يدخل فيهم: الأم، والجدات سواء كن من جهة الأب أم من جهة الأم.
٢- والبنات: يدخل فيهن: بنات الصلب وبنات الأبناء وبنات البنات وان نزلن.
٣- والأخوات: يدخل فيهن الأخوات الشقيقات والأخوات من الأب والأخوات من الأم
٤- والعمات: يدخل فيهن: عمات الرجل وعمات أبيه وعمات أجداده وعمات أمه وعمات جداته.
٥- والخالات: يدخل فيهن: خالات الرجل وخالات أبيه وخالات أجداده وخالات أمه وخالات جداته.
٦- وبنات الأخ: يدخل فيهن بنات الأخ الشقيق وبنات الأخ من الأب وبنات الأخ من الأم وبنات أبنائهم وبنات بناتهم وإن نزلن.
٧- وبنات الأخت: يدخل فيهن: بنات الأخت الشقيقة وبنات الأخت من الأب وبنات الأخت من الأم وبنات
1 / 22